بينَ القَصِيدَةِ و النَّدَى مُحتَارُ
أختَارُ صَمتي أم فَمي أختَارُ؟
مِن أيِّ كَشْفٍ أجْتَني الألفَاظَ لَو
دُون المعاني حَالَتِ الأستَارُ؟
و أنَا الذي فَرْطَ ٱغتِنَائي بالرُّؤَى
و فُيُوضِهَا قَد مَسَّني الإِقتَارُ
لمّا وَقَفْتُ بِباب لَيلي مُعدِماً
نكَصَتْ عَلَى أعقابِها الأَشعَارُ
فَطَوَيتُ أرضَ المشرِعِينَ كَلاَمَهُمْ
لِلرّيحِ.. تأكُلُ عُشبَ قلبي النّارُ
يا رافِعِينَ إِلى المجازِ عُيُونَهُمْ
هل ثَمَّ أُفْقٌ للجمَالِ يُزَارُ؟
يمَّمتُ قَلبي شَطْرَ كُلِّ مَليحَةٍ
بِلحَافها تَتَعَلَّقُ الأنظَارُ
و بحثتُ عَن نُورِ النِّسَاءِ فَلم أَجِدْ
إلا خديجةَ بَينَهُنَّ تُنارُ
تلكَ التي مِن نُسْكِها وَ وَقَارِها
لم يبقَ للمُتَنَسّكَاتِ وقَارُ
جَمَعَتْ جَمِيعَ الحُسْنِ في سِيمَائِها
حتّى ٱستَضَاءَتْ وَجْهَهَا الأَقمارُ
و تَعَلَّمَتْ مِن ضَوْعِ سِيرَتها الزّكِيَّةِ
كيفَ تنطِقُ عِطْرَهَا الأَزهَارُ
بِنتُ الوَجَاهَةِ.. أُمُّ كُلِّ المؤمِنِينَ
و ذِكْرُها تَزهو بهِ الأَسفَارُ
في النَّاسِ طَاهِرَةٌ و مِلْءُ إِهَابِها
طُهرٌ و كُلُّ صحابِها أطهَارُ
مِنْ فَضْلِها الفُقَرَاءُ يَسْكُنُ رَوْعُهُمْ
و بِعَقلِها يَتَمثّلُ التُّجّارُ
هِيَ خَيرُ سَيّدَةٍ لخيرِ الخلْقِ قَد
وَقَعَتْ عَلَى أشكَالِها الأَخْيَارُ
وَاسَتْ رَسُولَ اللهِ في حِرْمَانِهِ
إذ آمنَتْ لمّا طَغَا الكُفَّارُ
و تَزَوَّجَتْهُ ثَيّباً.. طُوبى لهَا
مِن ثَيّبٍ تَشدُو بها الأَبكَارُ
كَم عَادَ مُبْتَلاً بغيثِ شُكُوكهِ
مُزَّمِّلاً مما أرَاهُ الغَارُ
و عَلَى ٱرتجافِ الوَحي شَدَّتْ أَزْرَهُ
فَكَلاَمُها فَوقَ الفُؤَادِ دِثَارُ
رُزِقَ الحبيبُ عَلَى المنِيّةِ حُبَّها
و الحبُّ صِدْقاً مَا لَهُ إِنكَارُ
فَعَلاَمَ تَغْبِطُها الضَّرَائِرُ حَسْرَةً
و إلاَمَ عَائِـشَةٌ تَظَـلُّ تَغَارُ؟
يا أمَّ فَاطِمَةَ المُعظَّم قَدْرُها
هَلْ عَن بهائِكِ تُفْطَمُ الأَفكَارُ؟
أنَا مَا وَقَفْتُ عَلَى الطُّلُولِ مُتَيَّماً
أبكي و لا عيّتْ جَوَابي الدَّارُ
أو عَلّقَتْني الطَّاعِنَاتُ عُيُونُهُنَّ
ٱلظَّاعِنَاتُ و نَقْعُهُنَّ يُثَارُ
لاَ طَيْفُ ليَلى قضَّ يوماً مَضْجَعي
أو عرّشَتْ في أضلُعي نَوَّارُ
أو تَسْتَبي بَلْقِيسُ غُنجاً خَاطِري
أو تَسْتَبيحُ مَحابِرِي عِشْتَارُ
حَاوَلتُ أُبصِرُ في الإِناثِ نَقَاءَهُنَّ
إليكِ أنتِ ٱرتَدَّتِ الأَبصَارُ
و إِلَيكِ مَدَّتْ كلّ رُوحٍ كَفَّهَا
و كُؤُوسُ عِشْقِكِ في النُّفُوسِ تُدَارُ
يَا ضِفَّةَ التَّقوى البَعيد مَرَامُها
أبداً تحِنُّ لِوَصْلِهَا الأَنْهارُ
رِضْوَانُ رَبِّي و السَّلاَمُ عَلَيْكِ مَا
ة دَعَتِ اللَّيَالي و ٱستَجَابَ نَهَارُ
ياسين بُعبسلام