الأديب / محمد أحمد محمد

النسخة الثانية البحث التاريخي

الأديب / محمد أحمد محمد

المركز الأول في فرع البحث التاريخي من دولة مصر

        المملكة العربية السعودية

مسابقة الدكتور عبدالرحمن العبدالله المشيقح

 

بحث بعنوان

بحث جهود الملك عبد العزيز في توحيد المملكة

بحث مقدم إلى مسابقة الدكتور عبدالرحمن العبدالله المشيقح

فئة البحوث التاريخية

 

إعداد

د/محمد أحمد محمد محمد

دكتور التاريخ والحضارة الإسلامية

كلية الآثار-جامعة عين شمس

 

 

1443هـ/2022م

 

 

 

 

 

 

 

 

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”

 

   (قرآن كريم-سورة الحجرات-الآية13)

 

 

 

 

 

 

فهرس المحتويات

الموضوع رقم الصفحة
إهداء……………………………………………………………………………. 4
شكر وتقدير………………………………………………………………………. 5
المقدمة………………………………………………………………………….

– أهمية البحث…………………………………………………………………..

– أسباب اختيار موضوع البحث……………………………………………………..

– رؤية تحليلية للدراسات السابقة……………………………………………………

– منهجية توثيق المصادر والمراجع………………………………………………….

– إشكالية البحث………………………………………………………………….

6-9
المدخل التمهيدي “نسب الملك عبد العزيز آل سعود ونشأته”…………………………….

أولاً: نسب الملك عبد العزيز آل سعود………………………………………………..

ثانيًّا: مولد ونشأة الملك عبدالعزيز آل سعود…………………………………………..

ثالثًّا: الأمير الفتى يحاكي مجالس الكبار………………………………………………

رابعًا: حياته في الكويت……………………………………………………………..

10-14
المبحث الأول “جهود الملك عبدالعزيز في توحيد المملكة العربية السعودية”……………….. 15-19
أولاً: حروبه في سبيل توحيد المملكة…………………………………………………..

ثانيًّا: التسامح من شيم الملوك الصادقين………………………………………………

 
المبحث الثاني: “بناء السياسة الداخلية بعد توحيد المملكة العربية السعودية”……………… 20-26
أولاً: قصر الملك عبدالعزيز وديوانه الملكي…………………………………………….

ثانيًّا: تنظيم الديوان الملكي ومهام عمله ……………………………………………..

ثالثًّا: الإصلاح النيابي وتأسيس النيابة العامة في الحجاز……………………………….

رابعًا: التربية الإيمانية زاد السياسة الداخلية للمملكة…………………………………….

خامسًّا: رحل الملك عبدالعزيز وسيرته بالخير باقية……………………………………..

 
الخاتمة وأهم النتائج والتوصيات…………………………………………………….. 27-28
ملاحق البحث……………………………………………………………………..

ملحق (1) “عبدالعزيز آل سعود الأوسمة والنياشين”……………………………………

ملحق (2) الخرائط واللوحات………………………………………………………..

29-32
قائمة المصادر والمراجع……………………………………………………………. 33-35

 

إهداء

إلى روح سمو الملك عبدالعزيز آل سعود، الذي شَهِدَت له أوروبا فبل العرب، بعظيم الفضل، وسداد الرأي، فقالو عنه:

– أوتو فون بسمارك العرب

– نابليون العرب

– أوليفر كرومويل الصحراء

– السلطان سُليمان الجديد

– زعيم الجزيرة العربية

أهدي إليه هذه الصفحات المشرقات من تاريخه الأزهر المبارك…الذي لَمِعَ ضيائه وتلألأ كحبات الياقوت فوق رمال صحراء الجزيرة العربية…

 

 

 

 

 

 

شُكْرٌ وَتَقْدِيِرٌ

يَا رَبِ لَكَ الحَمَدُ كَمَا يَنَبَغِي لِجَلاَلِ وَجَهَكَ وَعَظِيِمِ سُلَطَانِك، يَا رَبِ لَكَ الحَمَّدُ حَتَى تَرَضَى، وَلَكَ الحَمَّدُ إِذَا رَضَيِّت، وَلَكَ الحَمَّدُ بَعْدَ الرَضَا، يَا رَبِ لَكَ الحَمَدُ حَمَّدًا كَثَيرًا طَيَبًا مُبَارَكًا فِيه مَلَء السَمَوَاتِ وَمَلَء الأَرَضِ وَمَلَء أَيِّ شَيٍء شَئْتَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَالصَلاَةُ وَالسَلامُ عَلَى سَيَدِ المُرَسَلِينَ سَيَّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبَهِ وَسَلِّمِ تَسَلِيمًا كَثَيِرًا.

وَبَعْدُ ،،،

إِلَى مسابقة الدكتور عبدالرحمن العبدالله المشيقح بالمملكة العربية السعودية الحَبِيِّبَةِ، بِصِفَتِهَا مِشِكَاةُ الخَيِّرِ، اللهَ أَسْأَلُ أَنْ يُديِّمَ عَلَيِّكُم نِعِمَتِهِ وَفَضْلِهِ، وَأَنْ يَجِزِيَكُم خَيْرَ الجَزَاءِ عَنْ أُمَتِكُم الإِسْلَامِيَّةِ وَالعَرَبِيَّةِ، وَاللهَ أَسْأَلُ أَنْ نَكُونَ جَمِيعًا مِمِنْ يَشِهَدُونَ للإِسْلَامِ وَتَارِيخِّهِ شَهَادَةُ حَقٍ بِحَقٍ، وَشَهَادَةُ صِدْقٍ بِصِدْقٍ، وَشَهَادَةُ يَقِيِّنٍ بِيَقِينٍ، فَنُحِشَرُ بِذَلِكَ فِي ظِلِ عَرِشِ الرَحْمَنِ فِي يَوِمٍ لَا يَنْفَعُ فِيهِ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مِنْ آَتَى اللهَ بِقَلِبٍ سَلِيِّمٍ.

 

 

المقدمة

من حق كل أمم الأرض أن تفخر بتاريخ أسلافها؛ وتتغنى بأمجاد وبطولات أجدادها؛ وأحق أمم الأرض في هذا هي أمة التوحيد، فتاريخ الإسلام الأزهر منذ القِدَم حتى مراحله الحديثة والمعاصرة مليء بالمفاخر التي يعجز المداد عن إحصائها، وأُود تسليط الضوء في هذه الورقة البحثية المقدمة إلى مسابقة الشيخ الدكتور عبدالرحمن العبدالله المشيقح، على صفحة مشرقة من تاريخ العرب المعاصر منذ أواخر القرن (13هـ/19م) حتى النصف الثاني من القرن (14هـ/20م)، وهي الفترة التي وُلِدَ ونشأ وترعرع فيها كغصن الخير الممتد نفعه إلى أسرته وأمته الإسلامية والعربية، جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية في مرحلتها الأخيرة، بعد جهود أبى الله إلَّا أن تُكلل بالنجاح والتوفيق. لتبقى شاهدةً على روعة العروبة والعرب في تاريخهم الحديث والمعاصر، وتبقى مُبينةً لعظمة الجنس العربي، والذي جعل الإسلام منه أكبر ثقافة نوعية كفلت في طياتها؛ وتضمنت في جنبات تعاليمها قبول الآخر والنصح له بالإحسان، بل والبر إليه والتكامل والتكافل معه من أجل تحقيق المصالح العليا للإنسانية، نافضةً عنها غبار التعصب الأعمى، تاركةً بلا هوادة التميِّز العرقي، رافضةً بالكلية الظلم وعدم المساواة بين البشر.

فكان تأسيس المملكة العربية السعودية عنوانًا لكل ما سبق من القيّم الراقية، والمُقام هنا، ليس مقامًا للسرد الأصم بدون أدلة دامغة، بل جاء مدعومًا -بقدر ما فتح الله لي- بالأدلة والبراهين المثبتة، وكيف كانت المملكة السعودية منذ اكتمال بنيانها بمثابة نقلة نوعية تاريخية وحضارية؛ لايزال شذاها ملموسًا وأثرها ملحوظًا ويداها بالخير ممدودة للعرب والمسلمين حتى يومنا هذا.

أهمية البحث

تكمن أهمية هذه الدراسة البحثية؛ في كونها من الدراسات القليلة التي ترصد ظاهرة تاريخية فارقة في تاريخ المملكة العربية السعودية؛ بل وفي تاريخ العرب والعروبة بالكامل، رصدًا كاملاً بالتحليل والاستقراء العلمي القائم على معرفة أسباب ومظاهر الموضوع، ثُمَّ تحليل النتائج المترتبة عليه، والخروج بالدروس المستفادة والقيّم الثابتة كتوصيات عملية مثمرة.

كما اطلع الباحث على الأرشيف المصور لتاريخ المملكة، وقمت بزيارة العرض المتحفي الرائع لمتاحف إثراء بمدينة الظهران-الدمام-المملكة العربية السعودية، والموجود بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي بالظهران، والذي أُقيم في موضع أول بير بترول يتم اكتشافه بالمملكة.

 

 

أسباب اختيار موضوع البحث

يتمثل السبب الرئيس في تبلّور هذه الفكرة البحثية؛ واختيار هذا المحور البحثي من ضمن المحاور المطروحة من قِبَلِ المسابقة؛ رغبةً في إخراج عمل علمي يكون بمثابة شهادة حق لتاريخ أحد أهم ملوك العرب والمسلمين في التاريخ الحديث والمعاصر، وبيان مدى إسهامه الحضاري في تطوير الجوانب السياسية والإدارية والثقافية في ربوع المملكة العربية السعودية؛ حيث بات النتاج الحضاري والفكري لأجدادنا العرب المسلمين طي النسيان، ولم ولن يُكشف إِلَّا بالبحث العلمي القائم على ركائز بحثية معتمدة، ثُمَّ النشر العلمي لتلك الأبحاث وطرحها على موائد الثقافة العالمية؛ رغبة ًفي إبراز قيمة وقامة ثقافة وتاريخ أجدادنا.

رؤية تحليلية للدراسات السابقة

لاحظت أثناء استكمال متطلبات البحث، وجود كتب وأبحاث علمية رصينة تؤرخ بدورها لفترة حكم الملك عبدالعزيز آل سعود، وجهوده في توحيد المملكة العربية السعودية، ولكن ما أردت مناقشته مناقشة علمية دقيقة في هذه الورقة البحثية الموجزة، هو تحليل وبيان شامل لعوامل وأسباب ونتائج توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز “رحمه الله”، وكيف كانت جهوده المضنية في إرساء قواعد الوحدة بين بلاد الحجاز ونجد وملحقاتهما وما حولهما تحت مظلة المملكة العربية السعودية؛ بداية انطلاق لخارطة طريقة واضحة المعالم ترسم بخطى واثقة سياسة المملكة الداخلية، والتي جعلتها بيتًا كبيرًا للعرب والمسلمين من شتى بقاع المعمورة. ويُمكن بيان رؤية تحليلية موجزة عن أهم الدراسات السابقة وثيقة الصلة بموضوع هذه الأطروحة البحثية، مرتبة ترتيبًا تاريخيًّا بحسب تاريخ نشرها، فيما يلي:

– خيرالدين الزركلي، شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز، 4 أجزاء، الطبعة السابعة، دار العلم للملايين، بيروت، 1997م. يُعد هذا الكتاب بجميع أجزائه الأربعة من أهم المؤلفات التي تسرد تاريخ الدولة السعودية الثالثة وتاريخ مؤسسها “رحمه الله” الملك عبدالعزيز، وأفاد هذا المصدر البحث في مواطن عديدة، لاسيما وأن الزركلي يُعد أكثر مؤرخي الحقبة أهمية وشهرة.

– محمد المانع، توحيد المملكة العربية السعودية، ترجمة: د. عبدالله الصالح العثيمين، الطبعة الأولى، مطابع المطوع، الدمام، 1402هـ/1982م. مرجع تاريخي متخصص ومحدد الفصول على فترة توحيد المملكة موضوع البحث، وسرد فيه الكاتب في قرابة (397 صفحة) جهود الملك عبدالعزيز في توحيد المملكة، ودوره في تنظيم الديوان الملكي السعودي وإرساء قواعد السياسة والحكم بالمملكة، كما أُلحق الكتاب بملاحق مفيدة للغاية.

– عبد الله بن حمد الحقيل، توحيد المملكة العربية السعودية وأثره في النهضة العلمية والاجتماعية، مكتبة العبيكان، الرياض، 1418هـ/1997م. يُعد من أهم القراءات التاريخية التحليلية المُقدمة في موضوع الدراسة، حيث عَمِلَ المؤلف كأمين عام دارة الملك عبدالعزيز سابقًا، وأفادني في موضوع الدراسة في جانب السرد التاريخي وفهم وتحليل نتائج النهضة المترتبة على توحيد المملكة.

– أمين الريحاني، “تاريخ نجد الحديث وسيرة عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل آل سعود، ملك الحجاز ونجد وملحقاتها”، الطبعة الثامنة، بيروت، بدون تاريخ. يُعد من الكتب الشاملة في تناول هذه الحقبة التاريخية، ومن المصادر الأصيلة، حيث ترجع أقدم طبعات الكتاب إلى عام 1928م، وسرد المؤلف فيه كثير من الروايات التاريخية وثيقة الصلة بموضوع البحث.

– فهد المارك، “من شيم الملك عبدالعزيز”، الطبعة الثانية، الرياض، 1400هـ/1980م. أضاف هذا الكتاب للبحث كثير من الجوانب الشخصية والصفات الأخلاقية والخصال الحميدة المترسخة في البناء التكويني لشخصية الملك عبدالعزيز “رحمه الله”.

كما تناولت كثير من الدراسات والمراجع الأجنبية أحداث تاريخية كثيرة في تلك الحقبة موضوع البحث، اطلعت على أغلبها، وأفادني في قراءة المشهد التاريخي لتوحيد المملكة السعودية بعيون الغرب ورؤيتهم، واكتفي بذكر هذه الدراسة، والتي جاءت موسومة بـ:

  1. Abir, Saudi Arabia in Oil Ara, Regime and Elites, conflict and collaboration, London, 1988.

والتي تُسلط الضوء في ثناياها على النقلة النوعية للمملكة الموحدة على أيدي الملك عبدالعزيز “رحمه الله”، وعصر ما بعد اكتشاف النفط، والتطور الحضاري والاقتصادي الذي شهدته المملكة منذ اكتمال التوحيد لأقطارها تحت راية الدولة السعودية.

 

 

 

 

 

 

 

منهجية توثيق المصادر والمراجع

اعتمد الباحث المنهجية العلمية الرصينة المُعتادة في توثيق المصادر والمراجع وفق ما هو متبع في جُل البحوث التاريخية والحضارية؛ حيث ذكرت بيانات المصدر أو المرجع كاملة عند ذكره لأول مرة، مبتدئً باسم المؤلف كاملاً، اسم الكتاب، رقم الجزء “إن وُجد”، جهة النشر، بلد النشر، رقم الطبعة “إن وُجد”، تاريخ النشر. ويُذكر المصدر أو المرجع مختصرًا حالة تكراره. مع إضافة قائمة كاملة في نهاية البحث للمصادر والمراجع التي تم الاعتماد عليها في إتمام الدراسة.

إشكالية البحث

في حقيقة الأمر، تتمثل الإشكالية الكبرى لهذه الدراسة فيما يُعرف بإشكالية “قناعات المُتلقي” إِنْ صح التعبير، حيث أرى أن حقوق العرب التاريخية والحضارية تضيع بين أمزجة المتلقيين من العرب أنفسهم وقناعاتهم الشخصية، قبل أن تُهاجم من غير العرب أو هؤلاء المشككين في التاريخ العربي. وتتلخص قناعات بعض العرب في نوعين كمتلقيين للمحتوى العلمي في أيّ مجال يُبرز إسهامات الأجداد وتاريخهم التليد ودورهم البنَّاء في الحضارة الإنسانية، النوع الأول: أشخاص حماسيون يدافعون بشدة عن حضارة العرب، ولكن دون إبراز الدليل العقلي والبراهين المؤكدة لوجهة نظرهم، والنوع الثاني: للأسف الشديد يُهاجم أيّ إسهام حضاري للعرب، ويرفض حتى السماع للأدلة التاريخية الثابتة، بل ينكرها ولا يناقشها نقاشًا علميًّا. وهنا يضيع العلم بين هذين الصنفين، فلو أعَدَّ الأول الدليل لحُجته، واستمع الثاني للدليل، لاكتمل نِصَاب العلم، وأَيْنَعَتْ ثمار المعرفة، وَأَتَتْ الحكمة أُكُلَها.

يتلخص رأي الباحث في الرد على هذه الإشكالية، أننا إذا انسقنا في البحث العلمي وراء الرد على القناعات الشخصية أو تفنيّد الشبهات المغرضة، فإن هذا يستهلك من طاقتنا البحثية دون طائل، ولكن حقيقة العلم وموجبات البحث تقتضي إظهار الحقائق وسرد الوقائع بالأدلة المثبتة، وتكريس الجهود البحثية في توضيح الحقيقة بصورتها الكاملة، وهذه الحقيقة قادرة بذاتها في دحر الشبهات؛ ودرء القناعات غير السليمة للأفراد والجماعات.

 

والله من وراء القصد،

                                                             وهو يهدي السبيل

                                                         القاهرة-يوم الأحد الموافق                                                                           

                                                   24 شعبان 1443هـ/27 مارس 2021م

 

المدخل التمهيدي: “نسب الملك عبد العزيز آل سعود ونشأته”

يُسلط المدخل التمهيدي للبحث الضوء على المراحل الأولى من حياة الملك عبدالعزيز، مع بيان نشأته وطفولته وصباه، والركائز التربوية والأخلاقية التي نشأ عليها “رحمه الله”؛ كتمهيد لموضوع الدراسة وبيان لعوامل مبكرة التأثير في تكوين الشخصية القيادية الرائدة للملك عبد العزيز، والتي ساعدته في توحيد المملكة العبية السعودية، وكتابة صفحات مشرقة في تاريخ المملكة الحديث والمعاصر، ويُمكن سرد تمهيد الدراسة البحثية، على النحو التالي:

أولاً: نسب الملك عبد العزيز آل سعود

هو عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن. وأسرة آل سعود من بني حنيفة من وائل، ويقال إنهم من المصاليخ من قبيلة عنزة، من بكر بن وائل بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان([1]). ويُعدُّ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، هو الحاكم الثالث عشر من آل سعود([2]).

ووالد الملك هو الإمـام عبدالرحمن، أصغر أبناء الإمام فيصل بن تركي بن عبدالله آل سعود، ووُلِدَ عبدالرحمن بن فيصل في الرياض عام (1268هـ/1852م)، وتُوفي بها في 22 ذي الحجة (1346هـ/11 يونيه 1928م)، وعمره 76 عاماً([3]).

أمَّا أُمّه فهي سارة بنت أحمد بن محمد السديري من أهل بلدة الغاط في سدير، بجوار الزلفي، وكانت السيدة سارة السديري صاحبة عقل وتدبير، ورُوي لها شعر شعبي. تُوفيت في أواخر عام (1327هـ/1910م) في الرياض([4]).

ثانيًّا: مولد ونشأة الملك عبدالعزيز آل سعود

تعددت الروايات المذكورة حول تاريخ مولد الملك عبدالعزيز، ويُمكن اعتماد أكثر روايتين صحة من حيث الأدلة والإسناد، وهما:

  • رواية المؤرخ الزركلي: “… على أني بعد وفاة الملك عبدالعزيز، رجعت إلى أديب آل سعود وعالمهم الأمير عبدالله بن عبدالرحمن، أخو الملك، فسألته، فأجاب: “كان رحمه الله يود أن يقال إن مولده سنة 1297هـ، ولكن الصحيح، أنه وُلد في أواخر عام 1293هـ/1876م”([5]).
  • رواية الأديب والشاعر خالد بن محمد الفرج الذي وضع حسابًا لهذا التاريخ، بالحروف الأبجدية، على طريقة حساب الجُمّل، على النحو التالي: “الإمام عبدالعزيز بن الإمام عبدالرحمن الفيصل آل سعود”. وجاء مجموع القيمة العددية لهذه الحروف 1297. وقويت هذه الرواية بما نُقل على لسان الملك عبد العزيز: “… من أنه كان غلامًا، حينما خرجت أسرته من الرياض سنة (1308هـ/1891م)، ملفوفًا في كساء أشبه بالخُرج”. عليه تكون ولادة الملك في ذي الحجة عام (1297هـ/ديسمبر1880م)([6]).

أمَّا عن نشأة الملك عبدالعزيز، فوُلِدَ الأمير عبدالعزيز بن عبدالرحمن، في قصر الإمارة والإمامة بالرياض، وتعلم رحمه الله مبادئ القراءة والكتابة بها على أيدي الشيخ المطوّع القاضي عبدالله الخرجي، كما حفظ سورا من القرآن، وقرأه كاملاً. ثم تلقى بعض أصول الفقه والتوحيد على يد الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ، في كراسة صغيرة أعدها خصيصًا له. وسرعان ما انتقل رحمه الله من مقاعد الأطفال إلى محاكاة الرجال([7]).

ثالثًّا: الأمير الفتى يحاكي مجالس الكبار

كان رحمه الله في سن الصبا طويل القامة، عريض المنكبين، بارز الصدر، حادّ العينين، دقيق الخصر، ضامر البطن، مفتول الساعدين والساقين، رشيق الحركة([8]). ونُقل عنه: أنه أحسن وهو في سن الصبا استعمال البندقية، وركوب الخيل، كأحد الفرسان، وأنه كان في السابعة، دائم الحركة، لا يستطيع الاستقرار في مكان واحد، فترة طويلة. حمل الأمير عبدالعزيز السيف، ولعب به، وركب الخيل وامتطى الإبل، والتف حوله رفاق له، فكان المتقدم عليهم في ألعابهم والزعيم فيهم([9]). وعوّده والده أن يستيقظ قبل الفجر للصلاة، ووجهه إلى الرياضة، وأدبه بآداب آل سعود، وشهد في صباه عاقبة الخصومات والمعارك، وأدرك ما كان من توسع نفوذ آل رشيد، في الاستيلاء على بلاد نجد، وضياع ملك آل سعود، أصحاب تلك البلاد وسادتها([10]).

خرج الأمير الصغير من الرياض، مع عمه محمد بن فيصل، والشيخ عبدالله بن عبداللطيف، لمفاوضة الأمير محمد بن رشيد، وعقد الصلح معه، في أوائل سنة (1308هـ/1890م)، وهي مشاركته السياسية الأولى في مثل هذا الاجتماع الخطير. يذكر فؤاد حمزة: سألتُ الملك عبدالعزيز إن كان قد قابل ابن رشيد فقال: نعم، قابلته، وعزاني في أخي فيصل([11])، وقال لي عسى أن يجعلك الله عوضًا عنه. والله قد جعلني عوضًا عنه”([12]).

ذكر خالد الفرج، ما مفاده: “أراد الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، حاكم البحرين، أن يُلاطف الفتى عبدالعزيز. فسأله: قطر أحسن أم البحرين؟  فأجابه عبدالعزيز على الفور: الرياض أحسن منهما. فقال عيسى: سيكون لهذا الغلام شأن. وأضاف خالد إلى هذه القصة: سمعتها من الشيخ عيسى بنفسه، وهو يقصها في مجلس نزهته العصرية في بستان “ريا” في البحرين، وذلك بمناسبة تسليم جدة سنة (1344هـ/1926م)([13]).

رابعًا: حياته في الكويت

بعد تغلب ابن الرشيد على آل سعود، واستيلائه على الرياض عام (1309هـ/1891م)، اتجه الإمام عبدالرحمن الفيصل بأسرته، إلى البادية، يلتمس مأوى ينأى به وبمن معه، عن يد ابن رشيد، فكانت هجرة أسرة الملك عبد العزيز إلى الكويت بمثابة رحلة الاغتراب التي زادت من صلابة الملك رحمه الله وشدة بأسه وصبره على تقلب الدهر وأحوال الدنيا، فمن قصر مطرف في مسقط رأس الأجداد والآباء الرياض البهية إلى منزل قوامه ثلاث غرف تسكن فيه العائلة بأكملها. وهنا يتبين لنا أصالة الجوهر؛ ونقاء المعدن؛ وحُسن السريرة، فالأسرة تربت بأكملها على النخوة والمروءة العربية، لا يفت عضدها تقلبات الحياة، بل تزداد صلابة مع زيادة الشدائد([14]).

ما زالت صفات الرجولة المبكرة، تلوح متربعة على عرش الطفولة وريعان الصبا لبطلنا رحمه الله، وهذا ما أكدّه حافظ وهبة –مستشار الملك عبدالعزيز-، قائلاً: “سمعت من بعض أصدقائي الكويتيين، الذين عاصروا الأمير عبدالعزيز ورافقوه في طفولته، أنه كان يفوقهم نشاطًا وذكاء، وأنه كان يتزعمهم دائمًا في الألعاب المألوفة، لمن كان في سنه، وأنه كان دائماً يميل إلى سماع تاريخ جده الإمام فيصل ومغامراته، من بعض الشيوخ المسنين بالكويت”([15]).

كما تُدلل استعانة أبيه الإمام عبدالرحمن بابنه عبدالعزيز في أول مهمة رسمية، على ثقته الكاملة في نضجه الفكري مبكرًا، وقدرته التمة على تحمل المسؤولية في أكحل الظروف، وذاك عندما كلّفه قائلاً: “امض يا بني إلى ابن خليفة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة شيخ البحرين، وحدثه بما نحن فيه، واستأذن لنسائنا بالإقامة في جواره، ولا ضير عليه من ابن رشيد، ما دمنا نحن بعيدين عن البحرين”. فانطلق الأمير عبدالعزيز إلى البحرين، وعاد بعد أيام مستبشرًا، يحمل إذن ابن خليفة للنساء، فمضين في هوادجهن([16]) إلى ميناء العقير جنوبي القطيف، حيث ركبن السّفن الشراعية إلى البحرين، ومعهن عبدالعزيز وأخ له يليه في السن، اسمه الأمير محمد([17]). بُعيد الاطمئنان على وصول واستقرار النساء في البحرين، عاد الأمير عبدالعزيز مباشرة يحطه الليل ويرفعه النهار قاصدًا أبيه لمساندته وتدبير الأمر، حيث أزمع الإمام عبدالرحمن الرحلة إلى الكويت، ولكن محمد بن صباح، أميرها يومئذ، لم يجرؤ على الجمع بين مناوأة ابن رشيد ومخالفة سياسة الترك، فاعتذر عن قبول الإمام عبدالرحمن ضيفًا عليه، فعاد إلى الصحراء([18]).

امتدت إقامة عبدالرحمن وابنه عبدالعزيز ومن معهما، هذه المرة حوالي سبعة أشهر في قفار تقطن بعضها قبائل من آل مرة، وبعضها الآخر قبائل كثيفة من العجمان، ليست بعيدة عن الأحساء كل البعد. وفُرِجَ الكرب على يد شيخ قطر، قاسم بن ثاني، والذي كتب إليه الإمام عبدالرحمن، يصف ما هو فيه، وأجابه ابن ثاني مرحباً. وانتقل الجمع إلى قطر. كما يذكر لوريمر في كتابه دليل الخليج أن عبدالرحمن أقام في ضيافة شيخ الدوحة في قطر، من أغسطس إلى نوفمبر 1892م، أيّ من صفر إلى جمادى الأولى 1310هـ، ولحقت به أسرته التي كانت في البحرين([19]).

تم الاتفاق مع الدولة العثمانية على أن يقيم الإمام عبدالرحمن هو وأسرته في الكويت، وكانت لا تزال عثمانية، ووافق ابن صباح، وأتاحت له الإقامة في الكويت، أن يكون على اتصال دائم بأهل نجد ورؤسائهم، خصوصًا أهل القصيم، لقربها من الكويت واتصالها بها اقتصاديًّا([20]).

قضى الأمير عبدالعزيز حوالي عشر سنين من عنفوان حياته، ويرى أكثر من أرخوا لتلك الحقبة، أن الكويت كانت مدرسته، التي تلقى فيها فن السياسة العملية. وأن أيام الشيخ مبارك، المليئة بالمناورات السياسية والعسكرية، كانت تنطبع مقدماتها ونتائجها، في ذهن الأمير عبدالعزيز، حيث اشترك في بعضها، حين آنس فيه مبارك صفات الألمعي اللبق، فقرّبه منه، وأفسح له المجال لحضور مجالسه، والاستماع إلى أحاديثه، مع ممثلي الحكومات الإنجليزية والروسية والألمانية والتركية([21]).

 

المبحث الأول: “جهود الملك عبدالعزيز في توحيد المملكة العربية السعودية”

بذل الملك عبدالعزيز كل غالي ونفيس حيال إعادة حق الأجداد، وتوحيد المملكة العربية السعودية، وتحقق له ما أراد، ولكن بعد أن قدَّم كل ما بوسعه، وجاهد بنفسه وماله في سبيل الحق، ويُروى عنه في هذا الصدد قوله: “لو كانت الحروب العربية كالحروب، التي نسمع عنها في البلاد الأجنبية، ملوكها وقادتها يرتبون خطة الحرب، وهم جلوس في منازلهم، والناس ينفذون أوامرهم، لهانت الحرب، ولكني في حروبي على خلاف ذلك، لقد كنت في أكثر المعارك في طليعة القوة المهاجمة، وبهذا كنت أرى استبسال من معي في القتال غير بسالتهم لو كنت وراءهم”([22]). ويُمكن مباحثة جهود الملك عبدالعزيز منقطعة النظير، في سبيل إرساء الوحدة بين أقطار المملكة العربية السعودية، وبناء مجدها الممتد إلى وقتنا هذا، من خلال ما يلي:

أولاً: حروبه في سبيل توحيد المملكة

خاض الأمير عبدالعزيز بن عبدالرحمن أول معركة، عندما اشترك مع والده الإمام عبدالرحمن، في الحملة التي أعدها الشيخ مبارك بن صباح، لقتال ابن رشيد المسيطر على نجد، والتقت قواته في الصريف، قرب الطرفية بالقصيم في (26 ذي القعدة 1318هـ/17 مارس 1901م). ولكن عبدالعزيز ترك الحملة، ومعه فرقة من جنوده، واتجه إلى الرياض، وهاجم البلدة في مجازفة خطيرة، ودخلها. واضطر لترك البلدة بعد أن وجد مقاومة عنيفة ممن تحصنوا بالحصن، كان ابن رشيد قد هزم قوات ابن صباح في تلك الموقعة المُسمّاة: “الصريف”([23]).

خاض الملك عبدالعزيز بعد ذلك غمار معارك وغزوات عديدة، وغارات خاطفة، حقق في أغلبها انتصارات حاسمة، ومن هذه المعارك والغزوات، استرداد الرياض من يد ابن الرشيد (1319هـ/ 1902م). كما انتصر في معركة الدلم والسالمية قرب الخرج، والتي كانت ضد عبدالعزيز بن متعب ابن رشيد (ربيع الأول 1320هـ/ يونيه 1902م). وكان رحمه الله بطل غزوة جوّ لبن، ضد قبيلة مطير (1321هـ/ 1903م). وفي العام التالي، وتحديدًا في (18 ذي الحجة 1321هـ/5 مارس 1904م) شارك في موقعة السر (وقعة حسين بن جراد) ضد قوات ابن رشيد، وفي العام ذاته وقعت معركة البكيرية، ضد ابن رشيد والأتراك في (ربيع الثاني 1322هـ/ 15 يونيه 1904م). وعلى نفس المنوال، وقعت معركة الشنانة، ضد ابن رشيد والأتراك (18 رجب 1322هـ/ 29 سبتمبر 1904م)([24]).

في (18 صفر 1324هـ/14 أبريل 1906م) حدثت معركة روضة مهنا، والتي كانت بمثابة نقطة فارقة على طريق توحيد المملكة، حيث قُتِلَ فيها خصمه عبدالعزيز بن رشيد. وفي العالم التالي وقعت معركة الطرفية، ضد ابن رشيد في (5 شعبان 1325هـ/ 14 سبتمبر 1907م). وفيها كبا جواد الأمير عبدالعزيز فوقع على الأرض، وجرح، وكسر عظم في كتفه الأيسر، فأُغمّي عليه([25]). وفي ( شعبان 1325هـ/ سبتمبر 1907م ) كانت معركة الصباخ، والتي كانت ضد ابن رشيد أيضًّا. كما قام “رحمه الله” بمهاجمة بريدة للمرة الثانية، واستولى عليها، وأخرج منها محمد أبا الخيل، وذلك في (20 ربيع الثاني 1326هـ/21 مايو 1908م). ودارت بينه وبين حمود بن سلطان بن رشيد معركة الأشعلي قرب حائل في (5 ربيع الأول 1327هـ/ 28 مارس 1909م). ومعركة هدية مع ابن صباح ضد ابن سعدون شيخ المنتفق في (ربيع الأول 1328هـ/ مارس 1910م). ووقعة الحريق، والتي ثار فيها الهزازنة مناصرين العرائف، وهم حفدة سعود بن فيصل (1328هـ/1910م)([26]).

بعد ثلاث سنوات، استطاع الأمير عبدالعزيز أن يفتح الأحساء، وتم تخليصها من الأتراك، وذلك في (أواخر جمادى الأولى 1331هـ/ مايو 1913م)، ثُمَّ خاض معركة جراب، ضد ابن رشيد في (7 ربيع الأول 1333هـ/ 24 يناير 1915م). بينما في معركة كنزان قرب الهفوف ضد العجمان في (14 شعبان 1333هـ/ 28 يونيه 1915م). هُزم فيها، وجُرح، وقُتل أخوه سعد “رحمه الله”([27]).

في العام ذاته، حاصره العجمان في الكوت، بالأحساء في (رمضان 1331هـ/ يوليه 1915م)، معركة ياطب، بالقرب من حائل ضد ابن رشيد، وانتصر فيها الأمير عبدالعزيز في عام (1336هـ/ 1917م ). ثُمَّ تَمَكّنَ “رحمه الله” من فتح حائل، واستخلاصها من يد ابن الرشيد، وذلك في (29 صفر 1340هـ/ 3 نوفمبر 1921م)([28]).

تمكن الأمير عبدالعزيز “رحمه الله” من حصار جدة وفتحها، وذلك بعد موقعة الرغامة ضد الأشراف استمر الحصار قرابة سنة، حيث بدأ من (جمادى الآخرة 1343هـ حتى جمادى الأولى 1344هـ/ يناير 1926م). ثُمَّ خاض معركة السبلة ضد زعماء الإخوان (19 شوال 1347هـ/30 مارس 1929م). حيث تُعد معركته ضد تمرد زعماء الإخوان، آخر المعارك التي خاضها الملك عبدالعزيز بنفسه. وحشد قواته ضد فيصل الدويش ورفاقه، الذين تجمعوا عند الحدود بين نجد والعراق. ولكن لم يقع قتال، بل انتهت بتسليم الإنجليز فيصل الدويش واثنين من رفاقه إلى الملك عبدالعزيز في شعبان (1348هـ/ يناير 1930م). وما بين السرد الموجز السابق من المعركة الأولى إلى المعركة الأخيرة مضت ثلاثون عامًا خاض فيها غمار معارك عدة، وجرح في القتال حتى امتلأ جسمه بالندوب “رحمه الله”([29]).

وبالفعل، تحقق للأمير ما أراد، ففي 17 جمادى الأولى 1351هـ صدر مرسوم ملكي في الرياض، بتوحيد أجزاء المملكة الحجازية والمملكة النجدية وملحقاتها، وتسميتها جميعًا المملكة العربية السعودية ابتداء من يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351هـ/22 سبتمبر 1932م، وأصبح لقب الملك عبدالعزيز الرسمي من هذا اليوم: صاحب الجلالة “ملك المملكة العربية السعودية”. وبهذا اللقب دُعي الملك عبدالعزيز بين رجاله وفي خاصته، ثم في مختلف أوضاعه السياسية وعلاقاته الخارجية رسميًا. وكان يوقع على المراسيم الملكية ويتختم بخاتم فضي، له فص من العقيق، نقش عليه اسمه، منفذ بهيئة خط الطغراء، يتضمن “عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل السعود”، ويختم به جميع الرسائل، والأوامر الصادرة منه([30]).

ثانيًّا: التسامح من شيم الملوك الصادقين

جمع الملك عبدالعزيز بين لين الجانب والوداعة والمرونة من ناحية، مع الشدة والحزم عند الحاجة من ناحية أُخرى، وهذا من صفات القادة الحقيقيين. كما كان “رحمه الله” واسع الصدر، كريم اليد، فإذا جاء خصومه نادمين عفا عنهم، ورحب بهم وأجزل لهم العطايا، وأنزلهم أحسن المنازل([31]).

فلم يلجأ الملك عبدالعزيز إلى الانتقام من خصومه؛ لأن ذلك يناقض الشرف والأخلاق العالية، فقد تسامح مع الذين ناصبوه العداء وحاربوه. واقتلع من نفوس أعدائه الحقد والكراهية بحسن معاملته لهم، وكان يصحبه بعضهم، أحيانًا، في غدواته وروحاته؛ لأنه يعتقد أن العفو عن العدو مما يؤلف بين الناس. وكان يقول لمن يذكّره بماضي هؤلاء المحيطين به: “لقد أعدت إليهم ضمائرهم، وإني أكاد أقرأ ما يجول في نفوسهم من أسف وندم على ما صدر منهم”، فكان “رحمه الله” رجل دعوة وملكًا رحيمًّا([32]).

فتجد تاريخ الملك “رحمه الله” في هذا الدرب منوال شرف وعزة بالكلية، فلمَّا عاداه الأتراك، كما عادوا أجداده من آل سعود، وحين انتصر عليهم في الأحساء، أكرم قائدهم وعاملهم معاملة حسنة، فانسحبوا إلى البحر من دون أذى. وكذلك، أجلاهم من القصيم، ورحلوا إلى المدينة المنورة وإلى العراق في أمان، وعلى نفقته. ونال شكر السلطان العثماني لسماحه للقوات العثمانية الرحيل من القصيم سالمة([33]).

لم ينتقم من العجمان، الذين قتلوا أخاه سعد بن عبدالرحمن، في موقعة كنزان سالفة الذكر، بعد أن أمكنه الله منهم. كما عاداه أبناء عمومته، وهم حفدة عمه سعود بن فيصل ويلقبون بـ(العرائف)، فصفح عنهم وقربهم منه، وأكرمهم. مع أنهم خرجوا عليه، ثم تحالفوا مع خصومه من الهزازنة، أصحاب بلدة الحريق بنجد، لإثارة الاضطراب في البلاد، وإضعاف قوته، وتعاونوا مع الشريف حسين، في حملته على عسير عام (1329هـ/1911م)، وتحالفوا مع آل الرشيد. سامح الملك ذو القلب الرحيم خصمه فيصل الدويش عندما تمرد عليه، ونايف بن هذال، عام (1325هـ/ 1907م)، وتحالفا مع سلطان الحمود الرشيد ومحمد أبا الخيل، وخاضا معه معركة الطرفية ضد الأمير عبدالعزيز، كذلك سامح الدويش مرة أخرى بعد أن هزمه في معركة السبلة عام (1347هـ/1929م). وبعد انتهاء معركة السبلة، لم يجهز عليه وهو جريح، وطلب من طبيبه الدكتور مدحت شيخ الأرض، أن يداويه([34]). ولم يقتله في المرة الثانية، عندما سلمه الإنجليز إليه، وأرسل يستقدم أسرته من الكويت، وعاشوا في الرياض، وعاملهم معاملة حسنة، ولكنه أبقى بالدويش في السجن حتى مات. ونكث محمد أبا الخيل، أمير بريدة، عهده مع الأمير عبدالعزيز، وخرج عليه متمردًا، متحالفًا مع خصومه، في عام (1325هـ/1907م). ولما ظفر به الأمير عبدالعزيز، طلب منه الأمان، فأمّنه على حياته، وتركه يذهب حيث يشاء، فرحل إلى العراق([35]).

كثير من المواقف على النحو المذكور سلفًا، لا يتسع هذا المُقام البحثي لسردها جميعًا، تؤكد في طياتها قيّم التسامح والعفو عند المقدرة لدى الملك عبدالعزيز، حيث كان كرم الأخلاق ورقي التعامل والتسامح سياسة عامة انتهجها الملك عبدالعزيز، وجعل من قبول الآخر والتكافل والتسامح ديدان لسياسة المملكة داخليًّا وخارجيًّا، فاستطاع بذلك كسب وُدّ أعدائه وخصومه في الداخل والخارج، وأعاد العلاقات الدولية للملكية بفضل هذه السياسة التصالحية الحكيمة، واستطاع أن يبنى جسور من الثقة والتعاون والمحبة والأخوة مع ملوك وقادة الشعوب العربية آنذاك.

 

 

 

 

 

 

المبحث الثاني: “بناء السياسة الداخلية بعد توحيد المملكة العربية السعودية”

جرت عادة الملوك والسلاطين على تنسيق وتهذيب الشأن الداخلي؛ لِمَا يترتب على ذلك من توجيه وإصلاح السياسة الخارجية، وهذا ما برع فيه الملك عبدالعزيز رحمه الله، حيث أجاد بحكمة وتروي إدارة الشأن الداخلي، وإرساء ملفات الحكم والسياسية الداخلية، متطلعًا لرسم الدور السعودي في السياسة القومية العربية والسياسة الإقليمية والعالمية. ولم تقف جهود الملك عبدالعزيز في توحيد المملكة عند حد جمع الشمل فحسب، بل تخطاها بمراحل أكبر وأكثر تأثيرًا وعمقًا، فوضع أسس الإصلاح السياسي والإداري الداخلي لكافة مؤسسات المملكة، علمًا منه بأن هذا سيؤكد توحيد المملكة ويحفظها من شتات الأمر والاختلاف. ويُمكن مباحثة ذلك على النحو التالي:

أولاً: قصر الملك عبدالعزيز وديوانه الملكي

يصف المؤرخ محمد المانع قصر الملك عبدالعزيز في الرياض، في الثلاثينات من القرن العشرين، فيقول: كان قصر الملك أكبر بناية في الرياض، وكانت مساحته حوالي ثمانية آلاف متر مربع. وكان، كغيره من بيوت المدينة، مبنيًّا من اللبن والطين، وكان القصر ذا طابقين، وأربعة أجنحة، تمتد من وسطه إلى الجهات الأربع. وكان كل جناح مكونًا من غرف واسعة، وقاعات، ودرج، وباحات. وكان الجناح الشمالي أوسعها. وكان في الطابق الأرضي منه، مخازن مملوءة بالأطعمة المختلفة، خاصة الأرز والتمر، اللازمة لتموين الملك وجيشه. وكان عند نهايته مطبخ كبير، يتم فيه إعداد الطعام لمن في القصر، ولجماهير الزائرين من البدو. وكان فيه قدور، يبلغ علو كل واحدة منها بين ثمانية وعشرة أقدام، وتتسع لطبخ بعير كامل، وكان الطباخون يعدون كل يوم الوجبات التقليدية من الأرز المسلوق واللحم، لما لا يقل عن مائة ضيف بدوي، وكان هؤلاء يتناولون الطعام المقدم لهم في دكة واسعة، فوق المطبخ مباشرة([36]).

بينما نجد الجناحان الجنوبي والشرقي من القصر، فكان فيهما مكاتب ومستلزمات الشؤون الداخلية للخاصة الملكية، وإدارة الجيش، ومساكن لخمسين أو ستين من الخدم وحُراس للقصر. وكان في داخل القصر وخارجه دكاك عديدة من الطين، يجلس عليها طيلة النهار، جمهور غفير من رجال القبائل الزائرين وغيرهم، ممن لهم حاجة عند الملك أو ديوانه([37]).

أما ديوانه فكان في القصر نفسه، ويقع في الطابق الأول من الجناح الشمالي، الذي كانت فيه غرفة لبلاط الملك، ومجلسه الخاص والعام، وغرفة للهيئة السياسية، ومكاتب أصغر حجمًا لموظفي الديوان. وكان هناك رواق يؤدي إلى مسجد القصر، الواقع في الجناح الغربي وكان فوقه قاعة، كمقصورة صلاة خاصة يُصلي فيها الملك عبدالعزيز وحده([38]). وللقصر أربعة أبراج كانوا أعظم معالمه، التي لم يكن الغرض منها دفاعياً إلا بصورة جزئية، وكان كل واحد منها مقراً لزوجة من زوجات الملك([39]).

ثانيًّا: تنظيم الديوان الملكي ومهام عمله

كان الملك عبدالعزيز نفسه، هو الذي نظّمَ الديوان الملكي لضمان وضع رؤية استراتيجية وسياسة واضحة لأعماله ومهامه على المدى البعيد، حيث تضمن الديوان شعبتين رئيستين يتضمنا في طياتهما شعب فرعية كثيرة، أولهما: تهتم بالسياسة والأمور الداخلية، ومن شأنها تنظيم ملفات العمل الداخلية للمملكة، وتكونت الوحدة الإدارية لهذه الشعبة من رئيس وخمسة أو ستة كُتَّاب. وكانوا قد وُزعوا العمل بين ما هو خاص بحاضرة وسط الجزيرة العربية، وما هو خاص بالقبائل البدوية، وعلى النحو ذاته، كان هناك بضع كُتَّاب صغار، وموظف مسؤول عن دراسة العرائض المرسلة إلى الملك وتلخيصها، هو حمد المضيان. وثانيهما: شعبة تهتم بالشؤون الخارجية، كما كانت هناك وزارة خارجية منفصلة عن الديوان، ومكتملة التنظيم. وكانت شعبة الشؤون الخارجية في الديوان، مكونة من رئيس الديوان، ورئيس المترجمين، ومحرر للرسائل، وطابع على الآلة الكاتبة. وعندما تُوفي الملك رحمه الله في عام (1373هـ/1953م)، لم يُضاف لهذه الشعبة أكثر من هذه التخصصات الوظيفية([40]).

في أول الأمر، لم يكن بين موظفي الديوان من يتسلم راتبًا منتظمًا، حيث كان جلالته يدفع ما يراه مناسبًا للعاملين معه مثلما كان يدفع لجنوده من البادية، على شكل منح، وهدايا دورية، من النقود والملابس([41]). وعند نهاية كل سنة تُعطى هدية إضافية من النقود. إضافة إلى ذلك كان يكسو أسر موظفي الديوان الملكي على نفقته الخاصة. ولم يكن ذلك الأسلوب متبعًا في الحجاز، لأن الموظفين هناك كانوا يتسلمون رواتب منتظمة، كما كانت عليه الحال زمن حكم الأشراف، وذات يوم تقدم بعض الموظفين إلى الملك، ورجوه أن يدفع لهم رواتب منتظمة، بدلاً من الهدايا والمنح، فوافق على ذلك؛ إمعانًا منه رحمه الله أن هذا الأمر سيحقق الاستقرار الإداري، ويجلب أعلى معدلات التنمية الإدارية للديوان الملكي بشعبتيه الداخلية والخارجية([42]).

أمَّا عن تقسيم الإداري المهني لديوان الملك عبدالعزيز في مدينة الرياض، عاصمة المملكة، فكان يشتمل على ما يلي:

المجلس الخاص: يُسمى أعضاؤه بالجماعة، أو الربْع، وينعقد مرتين في اليوم، قبل الظهر وبعد العصر، برئاسة الملك بنفسه رحمه الله. وفي مقدمة الحضور أخوه الأمير عبدالله بن عبدالرحمن، وولي عهده، ثم حاملي لقب وزير الدولة، والمستشارين. وينضم إليهم من يكون في الرياض من وزرائه وسفرائه، ووزرائه المفوضين.

الشعبة السياسية: اختصاصها في الشؤون الخارجية للدولة، وترتبط في المهام والاختصاصات بوزارة الخارجية.

الديوان الملكي: اختصاصه في الشؤون الداخلية، ومنه تصدر جميع المعاملات والخطابات الخاصة والعامة، ماعدا الشؤون السياسية.

شعبة الشفرة والبرقيات: أو الشعبة السّرية، ومنها تصدر الأمور المستعجلة والسرية، وترفع منها البرقيات وتستقبلها.

شعبة البادية: أو الشعبة الداخلية، اختصاصها داخلية نجد.

إدارة الزكاة وبيت المال: والتي كانت تُشرف بدورها على جمع أموال الزكاة ومصارفها وفق ما نص عليه الشرع الحكيم([43]).

شعبة المحاسبات والأعطيات: والتي تُشبه وزارة التجارة والتموين الداخلي في وقتنا الراهن.

شعبة الوفود والضيافة: وكان اختصاصها استقبال الضيوف، والسهر على راحة الوفود، والإشراف على القصور الملكية، المخصصة لضيوف الملك. وهي ثلاثة أقسام: مضيف الوفود الممتازة، ومضيف الحضر، ومضيف البدو.

شعبة الخاصة الملكية: والتي تعتني تنظيميًّا بكل ما يتعلق بشؤون القصر الملكي.

شعبة أهل الجهاد: اختصاصها النظر في شؤون الجند غير النظامي.

شعبة الخزينة الخاصة: والتي من مهامها متابعة أذون الصرف والحسابات اليومية والدورية الخاصة بالديوان الملكي.

شعبة المخازن الخاصة: والتي تُنظم (المستودعات)، وكل ما يُراد تخزينه من احتياجات الديوان والمملكة.

شعبة رئاسة الحاشية: والتي تشمل الإشراف على العبيد والأخوياء (المرافقون) وحرس القصر.

شعبة رئاسة الخيل: اختصاصها الإشراف على خيول الملك.

شعبة رئاسة الجيش (الإبل): اختصاصها النظر في إبل الخاصة الملكية.

شعبة السّيارات: المعنية بالإشراف والنظر في المركبات الملكية المخصصة للمواكب الرسمية.

شعبة الإذاعة: تكونت بعد وصول الراديو إلى البلاد العربية، والتي كان اختصاصها تلقف الأخبار من إذاعات العالم، ليلاً ونهاراً، وإعداد أهم ما فيها لتلاوته بين يدي الملك، وهي قسمان: العربي، لالتقاط ما تذيعه المحطات المختلفة باللغة العربية، والأجنبي، لأخذ المهم من الإذاعات غير العربية، وترجمته.

شعبة الحرس الملكي: الخاصة بالنظر في حراسة القصر والديوان الملكي.

الشعبة الصحية: والتي كان اختصاصها طبابة القصر الملكي([44]).

ثالثًّا: الإصلاح النيابي وتأسيس النيابة العامة في الحجاز

كان أول ما اهتم به الملك عبدالعزيز، بعد فرض سيطرته على الحجاز، هو الدخول مباشرة في طور الاستقرار، وتنظيم الدولة، وتوزيع المسؤوليات. فأسند إلى ثاني أنجاله الأمير فيصل، رئاسة الحكومة بمكة، وأقامه نائبًا عامًا عنه في الحجاز، وذلك في عام (1344هـ/1926م). ثم أضاف إلى مهامه رئاسة مجلس الشورى في عام (1345هـ/1927م)، ثم وُلي وزارة الخارجية، في رجب (1349هـ/نوفمبر 1930م)، وهي أول وزارة أُحدثت في الحكومة العربية السعودية بصفة رسمية، وظل الفيصل محتفظًا بها حتى وفاته “رحمه الله”([45]).

كان للنيابة العامة ديوانها، الذي يجمع بين أعمالها الكثيرة، وأعمال مجلس الوكلاء، ولا صلة له بأعمال مجلس الشورى، أو وزارة الخارجية، إلا فيما يكون من المعاملات بينه وبين الدواوين الأخرى، ويمكن القول، بأن تنظيمها الإداري استقى كثيرًا من النواحي الإدارية في تنظيم الشعب وتدرجها الوظيفي من نظام الديوان الملكي بالرياض([46]).

رابعًا: التربية الإيمانية زاد السياسة الداخلية للمملكة

وهذا ما حرص عليه الملك عبدالعزيز في إرساء دعائم دولته؛ علمًا منه “رحمه الله” أن التجديد وبناء الدولة ووحدة الصف تبدأ بدروس التربية الإيمانية العملية، فنجد حرصه على حضور “مجلس الدرس“، وهو مجلس يومي، هو بين الخاص والعام، يشبه الجلسة المفتوحة غير الرسمية. يبدأ بعد صلاة العشاء، وينتهي بانقضاء سهرة الملك. وقلّما يحضره أحد من الأمراء السعوديين. ويقتصر، في الغالب، على كبار الموظفين، وبعض الأعيان، والضيوف غير الأجانب. وكان الجو السائد في المجلس المسائي، دائماً، أكثر اتسامًا بالانبساط والراحة، من جو مجلس العمل الصباحي. وهذا المجلس، عادة، تناقلها حكام آل سعود عن أسلافهم. وتُتلى فيه مختلف أنواع المعارف. يُفتتح هذا المجلس، عادة، بقراءة قارئ الملك الخاص، عبدالرحمن القويز، جزءًا من السّيرة النبوية لمدة نصف ساعة، ثم يفتح المجال، لمن يريد أن يطرح موضوعًا للمناقشة([47]).

ذكر الزركلي عن مجلس الدرس، ودوره التربوية الإيماني، قائلاً: “كانت تُتلى فيه مختلف الأنواع، بين تفسير للقرآن، سمعت فيه فصولاً من (تفسير القرطبي)([48]). وبين نظرة في كتب التاريخ، سمعت فيها صفحات من (البداية والنهاية) لابن كثير([49]). وبين إلمامه بالأدب والأخبار، حضرت منها شيئًا من (الآداب الشرعية) لابن مفلح([50]). وقد قرأت له هذه الكتب الثلاثة، وغير القليل من أمثالها، من بدايتها إلى نهايتها، في زمن امتد من بدء إمارته، إلى ختام حياته. وكانت الطريقة في هذا الدرس اليومي، أن يجلس القارئ، وهو موظف رسمي، من رجال العلم بهذا الشأن، في أقصى مقعد عن يسار الملك، وأمامه مصباح كهربائي، ويدير زره فيضيء. ويفتح كتابًا فيقرأ منه فصلاً، بعد الفصل الذي قرأه في الدرس السابق. ثم يغلقه، ويقرأ فصلاً آخر من كتاب آخر. والعادة أن يبدأ بتفسير القرآن، ويثني بالتاريخ، ولا تزيد المدة عن نصف ساعة. ويختم الدرس بإغلاق الكتاب وإطفاء المصباح، وانسحاب القارئ بهدوء. وليس من عمل القارئ أن يشرح أو يزيد شيئًا على تلاوة المتن. وفي أكثر الأيام تعلق في ذهن الملك آية يستشكل تفسيرها، أو حديث نبوي أو موعظة أو حادثة من التاريخ تستحق التعليق عليها، فيتساءل، أو يتحدث بما يخطر بباله في الموضوع. ويتناول أهل المعرفة (وسواهم) من الجالسين، الآية أو الخبر تاريخيًّا أو أدبيًّا، وربما كان بيتًا من الشعر بتعليقاتهم”([51]).

وخلاصة القول فيما سبق تأصيله، ضرب الديوان الملكي في عهد الملك عبدالعزيز أروع الأمثلة في الوحدة والانضباط، فرُغم تعدد المسؤوليات والمهام، وكثرة الواجبات اليومية المستمرة، غير أن الديوان كان بمثابة خلية النحل التي انتظم عملها بموجب سياسة حكيمة، وضعها الملك “رحمه الله”، وتضمنت بين جنباتها جميع صنوف الانضباط والاجتهاد، فكان الديوان الملكي نواة الاستقرار للمملكة بعد توحيد أقطارها.

خامسًّا: رحل الملك عبدالعزيز وسيرته بالخير باقية

اشتد المرض على الملك في أيامه الأخير، وفي الرمق الأخير، وقبيل أن يُسلم روحه إلى بارئها، كان آخر ما سُـمع منه: “فيصل… أخوك سعود… سعود… أخوك فيصل”. وكرر جملة “لا حول ولا قوة إلا بالله، الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله”. وأسلم الروح بعدها. وكانت وفاته “رحمه الله” ضحى يوم الاثنين الموافق (2 ربيع الأول 1373هـ/9 نوفمبر 1953م)، وصُلي عليه في الحوية، ونُقل في الحال بالطائرة إلى الرياض، ودُفن في مقبرة العود التي دُفن فيها أسلافه من آل سعود([52]). رحل الملك عبدالعزيز، وترك لنا درة التاج في مفرق الإسلام والعروبة، رحل الملك عبدالعزيز وترك لنا إرث المسلمين وقبلتهم وعُدتهم وعتادهم، ترك لنا المملكة العربية السعودية مملكة شامخة البنيان فتية الأركان راسخة الخُطى، كانت ولا تزال الحاضنة الأولى للإسلام والعروبة.

 

 

 

 

الخاتمة وأهم النتائج والتوصيات

في تتمة هذا العمل البحثية، أود التركيز على أهم المخرجات البحثية، والمتمثلة في بعض النتائج العلمية والتوصيات العملية، وبيانها كالتالي:

أولاً: النتائج

– ناقشت الدراسة بدقة الاختلاف في تحديد موعد ولادة الملك عبدالعزيز، ورجحت رأيين فقط كخلاصة لجميع الآراء، يرى الباحث أنهما الأقرب إلى الصواب.

– النشأة والتربية السليمة تؤثر بدورها في بناء الشخصية الإبداعية والقيادية للطفل منذ صغره، وهذا ما كان في تربية الإمام عبدالرحمن لأبنائه، وهذا ما نشأ عليه بطل آل سعود وساعده في توحيد المملكة العربية السعودية.

– الصبر والجَلَد وتزكية مفاهيم العروبة والتأخي بين الشعوب العربية، ونصرة المظلوم، والوقوف في جوار الحق وتأييده، والمثابرة على دفع الظلم، وهذا ما تم تحقيقه في ثنايا البحث بمراحل عِدّة من تاريخ آل سعود.

– البسالة والشجاعة والإقدام صفات القائد الناجح، والتي باتت واضحة كالشمس في رابعة النهار في شخصية الملك عبدالعزيز.

– التسامح والعفو عند المقدرة من صفات القائد والزعيم أصيل الطبع كريم الخصال، وهذا ما تحقق في مشاهد تاريخية خالدة، سطَّرها الملك بأحرف من نور في صفحات مشرقات من التاريخ الحديث والمعاصر للملكة العربية السعودية.

– رصدت الدراسة بالوصف والتحليل التاريخي، تنظيم السياسة الداخلية ومهام الديوان الملكي، وديوان النيابة العامة، ودور هذه المؤسسات في إدارة شؤون البلاد داخليًّا، مع بيان دورها النافذ في دعم ركائز التوحيد بين أقطار المملكة السعودية.

– أشارت الدراسة إلى اهتمام الملك عبدالعزيز في فترات جهوده المضنية لتحقيق التوحيد والاستقرار السياسي بالمملكة إلى اهتمامه الشخصي بالسيوف والخيول؛ كعتاد له ولجيشه في معاركهم. وحرصه الدائم على جمع واقتناء السيوف النادرة لأجداده من آل سعود.

– التربية الإيمانية السليمة من دعائم بناء الدولة ومؤسساتها، وهذا ما حرص عليه الملك عبدالعزيز من خلال حضوره الدائم رحمه الله في “مجلس الدرس”؛ لسماع كتب السيرة ومناقشتها وتدبر آيات القرآن الكريم.

– نشرت الدراسة جانبًا من التصاوير الأرشيفية، والتي ترجع إلى مطلع القرن (14هـ/20م)، من واقع أرشيف مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي بالظهران-الدمام.

ثانيًّا: التوصيات

– تدشين موسوعة علمية كعمل بحثي ضخم متعدد الأجزاء، يتضمن في محتواه فصول متسلسلة تسرد إنجازات آل سعود في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والتربوية والتعليمية والصحية والثقافية، ودورهم في حفظ التراث السعودي، انتهاءً بالنهضة الشاملة في الفترة الأخيرة لقطاعات متعددة بالمملكة.

– تزكية مفاهيم استقراء التاريخ ودراسته دراسة تحليلية متعمقة، والخروج من دورس وفلسفة التاريخ بصورة كاملة قابلة للتطبيق العملي تخدم واقع الأمة الآن؛ وعدم التعامل مع التاريخ كجزيرة منعزلة عن الحاضر، فالتاريخ بدراساته وأبحاثه مرآة الماضي ونبض الحاضر وخريطة المستقبل.

– توصي الدراسة بعمل روايات أدبية وقصص قصيرة وأفلام بتقنيات حديثة 3D)) للأطفال والشباب، تستهدف في محتواها الأدبي والتربوي، سرد مواقف بطولية ودورس مستفادة من حياة الملك عبدالعزيز “رحمه الله”؛ وذلك لتزكية الوعي عند الأطفال والشباب السعودي بصفة خاصة، والشباب العربي بصفة عامة عن تاريخ أجدادهم الأفاضل.

 

 

 

 

 

 

 

ملحق (1) “عبدالعزيز آل سعود الأوسمة والنياشين”

يتضمن هذا الملحق البحثي جزءًا من الأوسمة والنياشين التي حصل عليها الملك عبدالعزيز، من البلاد العربية والأوروبية، وبيانها كالتالي:

البلد الوسام
بريطانيا العظمى – الوشاح الأكبر من وسام الحمام العالي الشأن.

– الوشاح الأكبر من وسام نجمة الهند.

 

الجمهورية الفرنسية – الوشاح الأكبر من وسام جوقة الشرف.

 

إيطاليا – الوشاح الأكبر من وسام سان موريس ولازار.

– الوشاح الأكبر من وسام تاج إيطاليا.

 

 

مملكة العراق – الوسام الهاشمي.

– الوشاح الأكبر من وسام الرافدين.

 

هولندا – الوشاح الأكبر من وسام الأسد الهولندي.

 

الدولة العثمانية قبل زوالها – أوسمة ونياشين أهديت له من العثمانيين.

 

 

 

 

 

ملحق (2) الخرائط واللوحات

لوحة (1) خريطة تبين بعض أهم المدن والقرى والهجر الواقعة على هضبة نجد بالإضافة إلى بعض الحواضر والمدن المجاورة. عن:

Maps of Saudi ArabiaSatellite pictures of Saudi ArabiaNajdThird Saudi StateHijrat al-ThalimaNASA World Wind, 2018, p.3.

 

 

 

لوحة (2) صورة شخصية للملك عبدالعزيز آل سعود وهو يزور الكويت عام 1910م.

عن:

 William Henry Irvine Shakespear, Royal Geographical Societyp.34.

 

لوحة (3) بئر الدمام-بئر الخير، أول بئر بترول في المملكة العربية السعودية، عام 1938م. عن:

  1. Abir, Saudi Arabia in Oil Ara, Regime and Elites, conflict and collaboration, London, 1988, p.96.

لوحة (4) الملك عبدالعزيز آل سعود يدشن أول ناقلة نفط من المملكة العربية السعودية. عن: أرشيف مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي-الظهران.

 

 

 

لوحة (5) توقيع الملك عبدالعزيز آل سعود بصيغة: “الواثق بالودود عبدالعزيز السعود. عن: أرشيف مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي-الظهران.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لوحة (6) صورة نصفية مزدانة بكتابات عربية بالخط الديواني تُقرأ “صاحب الجلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود “رحمه الله” مؤسس المملكة العربية السعودية. عن: أرشيف مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي-الظهران.

 

 

 

 

 

 

قائمة المراجع

أولاً: الكتب العربية المطبوعة:

  1. أحمد عبدالغفور عطار، صقر الجزيرة، 7أجزاء، الطبعة الرابعة، بيروت، 1397هـ/ 1977م.
  2. ألويس موسيل، آل سعود “دراسة في تاريخ الدولة السعودية”، ترجمة: د. سعيد بن فايز السعيد، الدار العربية للموسوعات، بيروت-لبنان، الطبعة الأولى، 1424هـ/2003م.
  3. أليكسي فاسيلييف، تاريخ العربية السعودية، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت-لبنان، الطبعة الأولى، 1995م.
  4. أمين الريحاني، “تاريخ نجد الحديث وسيرة عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل آل سعود، ملك الحجاز ونجد وملحقاتها”، الطبعة الثامنة، بيروت، بدون تاريخ، وصدرت طبعته الأولى عام 1928م.
  5. أمين الريحاني، ملوك العرب، الجزء الثاني، الطبعة الثامنة، دار الجيل، بيروت، بدون تاريخ، وصدرت طبعته الأولى عام 1929م.
  6. أمين محمد سعيد، الطبعة الأولى، بعنوان ملوك المسلمين المعاصرون ودولهم، دائرة معارف سياسية شرقية، عيسى البابي الحلبي، القاهرة، 1933م.
  7. ج. ج. لوريمر، دليل الخليج، طُبعت على نفقة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، قسمين، 14 جزء، الطبعة الأولى، 1914م.
  8. جوزيف كوستنر، العربية السعودية “1916-1936م” من القبلية إلى الملكية، ترجمة: شاكر إبراهيم سعيد، مكتبة مدبولي، القاهرة، الطبعة الأولى، 1996م.
  9. حافظ وهبة، “خمسون عامًا في جزيرة العرب”، الطبعة الأولى، مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، 1380هـ/1960م.
  10. حافظ وهبة، جزيرة العرب في القرن العشرين، الطبعة الخامسة، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، 1387هـ/ 1967م.
  11. خيرالدين الزركلي، شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز، 4 أجزاء، الطبعة السابعة، دار العلم للملايين، بيروت، 1997م.
  12. سعود بن هذلول، “تاريخ ملوك آل سعود”، الطبعة الثانية، الرياض 1402هـ/ 1982م. عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون، “رجال وذكريات مع الملك عبدالعزيز”، الحرس الوطني، الرياض، 1410هـ.
  13. عبد الله بن حمد الحقيل، توحيد المملكة العربية السعودية وأثره في النهضة العلمية والاجتماعية، مكتبة العبيكان، الرياض، 1418هـ/1997م.
  14. عبدالحميد الخطيب، الإمام العادل، صاحب الجلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، سيرته، بطولته، سر عظمته، الطبعة الأولى، مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، 1370هـ/ 1951م، مجلدان.
  15. عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون، “كنت مع عبدالعزيز”، الطبعة الثانية، الرياض 1415هـ/ 1994م.
  16. عبدالرحمن بن سليمان الرويشد، “الجداول الأسرية لسلالات العائلة المالكة السعودية”، الطبعة الأولى، الرياض، 1419هـ/ 1998م.
  17. عبدالله بن عبدالرحمن بن صالح البسام، “علماء نجد في ثمانية قرون”، الطبعة الثانية، 6 أجزاء، دار العاصمة للنشر والتوزيع، الرياض 1419هـ.
  18. عبدالله سانت جون فيلبي، “الذكرى العربية الذهبية”، ترجمة مصطفى كمال فايد، طبع على نفقة الشيخ عبدالرؤوف الصبان، القاهرة 1372هـ/1953م.
  19. عبدالمنعم الغلامي، “الملك الراشد جلالة المغفور له عبدالعزيز آل سعود”، بغداد، مطبعة المعارف، 1373هـ/1954م.
  20. عبدالوهاب عزام، “رحلات عزام، الرحلات الثانية”، مطبعة الرسالة، القاهرة، الطبعة الأولى، 1370هـ/ 1951م.
  21. فهد المارك، “من شيم الملك عبدالعزيز”، الطبعة الثانية، الرياض، 1400هـ/1980م.
  22. فؤاد حمزة، “قلب جزيرة العرب”، الطبعة الثانية، مكتبة النصر الحديثة، الرياض، 1388هـ/ 1968م.
  23. فؤاد حمزة، البلاد العربية السعودية، الطبعة الثانية، مكتبة النصر الحديثة، الرياض، 1388هـ/ 1968م.
  24. محمد المانع، توحيد المملكة العربية السعودية، ترجمة: د. عبدالله الصالح العثيمين، الطبعة الأولى، مطابع المطوع، الدمام، 1402هـ/1982م.
  25. محمد صبحي عبد الحكيم وآخرون، أطلس المملكة العربية السعودية والعالم، مكتبة لبنان، بيروت، 1427هـ.
  26. مديحة أحمد درويش، تاريخ الدولة السعودية حتى الربع الأول من القرن العشرين، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الأولى، 1400هـ/1980م.
  27. نجدة فتحي صفوت، الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية “نجد والحجاز”، المجلد الرابع، الطبعة الأولى، دار الساقي، بيروت 1999م.

 

ثانيًّا: الدوريات والمجلات

  1. جريدة الرياض، العدد الرقم 11181، الصادر في 17شوال 1419هـ/3 فبراير1999م.
  2. جريدة الرياض، العدد الرقم 11196، الصادر في الخميس 2 ذي القعدة 1419هـ/ 18 فبراير 1999م.
  3. مجلة الدرعية العددان الثالث والرابع، السنة الأولى، الرياض، رجب، شوال1419هـ.
  4. مجلة الدرعية، السنة الأولى، العدد الأول، الرياض، محرم 1419هـ/ مايو 1998م.
  5. مجلة الدرعية، العدد الثاني، السنة الأولى، الرياض، ربيع الآخر 1419هـ/ أغسطس 1998م.

 

ثالثًّا: الكتب الأجنبية المطبوعة:

 

  1. H. al-Angari, The struggle for power of Arabia, Ibn Saud, Hussein, and Great Britain, 1914-1924, Reading, Ithaca Press, 1998.
  2. M. Abir, Saudi Arabia in Oil Ara, Regime and Elites, conflict and collaboration, London, 1988.
  3. Soad Maher Muhammed, The Kingdom of Saudi Arabia Center of Islamic Civilization, King Abdul Aziz University, Mecca, 2003.

([1]) خيرالدين الزركلي، شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز، 4 أجزاء، الطبعة السابعة، دار العلم للملايين، بيروت، 1997م، الجزء الأول، ص34.

([2]) مديحة أحمد درويش، تاريخ الدولة السعودية حتى الربع الأول من القرن العشرين، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الأولى، 1400هـ/1980م، ص121.

([3]) خيرالدين الزركلي، شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز، الجزء الأول، ص37.

([4]) خيرالدين الزركلي، شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز، الجزء الأول، ص38.

([5]) خيرالدين الزركلي، شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز، الجزء الأول، ص43.

([6]) خالد بن محمد فرج الدوسري، وشهرته ـخالد الفَرَج (1895-1954م) شاعر وكاتب كويتي، وُلد في مدينة الكويت ونشأ فيها في أسرة موفورة النعمة والجاه وهو من أسرة آل طراد. خالد سعود الزيد، خالد الفرج حياته وآثاره، بيروت-لبنان، الطبعة الثانية، 1980م، ص69.

([7]) عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون، “رجال وذكريات مع الملك عبدالعزيز”، الحرس الوطني، الرياض، 1410هـ، ص23.

([8]) فهد المارك، “من شيم الملك عبدالعزيز”، الطبعة الثانية، الرياض، 1400هـ/1980م، ص7 وما بعدها.

([9]) عبدالمنعم الغلامي، “الملك الراشد جلالة المغفور له عبدالعزيز آل سعود”، بغداد، مطبعة المعارف، 1373هـ/1954م، ص11.

([10]) عبدالحميد الخطيب، الإمام العادل، صاحب الجلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، سيرته، بطولته، سر عظمته، الطبعة الأولى، مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، 1370هـ/1951م، المجلد الأول، ص73.

([11]) هو الأمير فيصل بن عبدالرحمن آل سعود، الشقيق الأكبر للملك عبدالعزيز، والذي تُوفي “رحمه الله” في غمار الأحداث العصيبة التي تعرض لها آل سعود في حروبهم مع ابن رشيد. للمزيد عن السلالات الأسرية ببيت ملوك آل سعود. انظر: عبدالرحمن بن سليمان الرويشد، “الجداول الأسرية لسلالات العائلة المالكة السعودية”، الطبعة الأولى، الرياض، 1419هـ/ 1998م.

([12]) فؤاد حمزة، البلاد العربية السعودية، مكتبة النصر الحديثة، الرياض، الطبعة الثانية، 1388هـ/ 1968م، ص87؛ وانظر أيضًّا: فؤاد حمزة، “قلب جزيرة العرب”، مكتبة النصر الحديثة، الرياض، الطبعة الثانية، 1388هـ/ 1968م.

([13]) عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون، “كنت مع عبدالعزيز”، الطبعة الثانية، الرياض 1415هـ/ 1994م، ص54؛ سعود بن هذلول، “تاريخ ملوك آل سعود”، الطبعة الثانية، الرياض 1402هـ/ 1982م، ص92.

([14]) أحمد عبدالغفور عطار، صقر الجزيرة، 7أجزاء، بيروت، الطبعة الرابعة، 1397هـ/1977م، الجزء الأول، ص102.

([15]) حافظ وهبة، “خمسون عامًا في جزيرة العرب”، الطبعة الأولى، مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، 1380هـ/1960م، ص46.

([16]) تُسمى المراءة في هودجها ظعينة، وجمعها ظعائن. انظر: لسان العرب، محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى: 711هـ)، دار صادر-بيروت، الطبعة الثالثة، 1414هـ، عدد الأجزاء: 15، الجزء 13، ص271.

([17]) حافظ وهبة، جزيرة العرب في القرن العشرين، الطبعة الخامسة، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، 1387هـ/ 1967م، ص6.

([18]) أليكسي فاسيلييف، تاريخ العربية السعودية، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت-لبنان، الطبعة الأولى، 1995م، ص153.

([19]) ج. ج. لوريمر، دليل الخليج، طُبعت على نفقة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، قسمين، 14 جزء، الطبعة الأولى، 1914م، القسم التاريخي، الجزء 5، ص138.

([20]) نجدة فتحي صفوت، الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية “نجد والحجاز”، المجلد الرابع، الطبعة الأولى، دار الساقي، بيروت 1999م، ص149.

([21]) من أوصاف الأمير عبدالعزيـز بن سعود في جريدة (Egyptian Mil)، الصـادرة باللغة الإنجليزية في 27 نوفمبر عام 1916م، على النحو التالي: “… تراه فتعرفه أبناء القبائل العربية الأصيلة، خطواته الواثقة، حركته الرزينة الهادئة، وابتسامته الحانية المشرقة، ونظراته العميقة المتأملة، وكلها سمات تخالف سمات الرجل الغربي، ذي الشخصية القلقة، مما زاد في وقاره ومنظره المهيب”.

([22]) أمين الريحاني، “تاريخ نجد الحديث وسيرة عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل آل سعود، ملك الحجاز ونجد وملحقاتها”، الطبعة الثامنة، بيروت، بدون تاريخ، ص121.

([23]) كان للملك عبدالعزيز منذ صغره في أولى معاركه، خبرة فائقة بالسيوف، ودراية بأنواعها، ومعرفة بتواريخها. وأمر بالمحافظة على السيوف القديمة، التي اشتهرت في الأسرة السعودية، واهتم بجمع ما تفرق منها. وكان للملك عبدالعزيز بندقية موزر أيام حروبه وغزواته، ولكنه أطلق عليها اسم (عوافية)، وذلك أنه قلما استعملها في الحروب لاستغنائه بالسيوف عنها، ولم يذكر أنه استعملها في حرب.

Soad Maher Muhammed, The Kingdom of Saudi Arabia Center of Islamic Civilization, King Abdul Aziz University, Mecca, 2003, p.78.

([24]) محمد حرب، الملك عبد العزيز آل سعود، دار الفكر اللبناني، بيروت، الطبعة الأولى، 1991م، ص58.

([25]) كان الملك عبدالعزيز كثير العناية بالخيول الأصلية، وكانت اصطبلات خيوله الخاصة في الرياض، وكما وُصفت في عام (1355هـ/ 1936م)، تحوي أشهر المرابط، وقدر عددها يومئذ بنحو ألف فرس، قال: إنها ترعى في أنحاء مختلفة من الصحراء، منها 200 اختصها الملك بالتفضيل على سواها، لأن معظمها من خيول أجداده، فوضعها في واحة الخرج، حيث تجد كفايتها من البرسيم الحجازي، وتشرب من المياه الجارية من ينابيع الخرج، وكان من أجود خيله في حروبه الأولى، فرس يفضلها لركوبه، اسمها (منيفة)، قتلت في إحدى المعارك، بينما كان يركبها أحد رجاله، واستبدلها بفرس أخرى تُسمّى (الصويتية). انظر: جريدة الرياض، العدد الرقم 11196، الصادر في الخميس 2 ذي القعدة 1419هـ/18 فبراير 1999م.

([26]) للمزيد راجع: جوزيف كوستنر، العربية السعودية “1916-1936م” من القبلية إلى الملكية، ترجمة: شاكر إبراهيم سعيد، مكتبة مدبولي، القاهرة، الطبعة الأولى، 1996م.

([27]) أمين محمد سعيد، ملوك المسلمين المعاصرون ودولهم، دائرة معارف سياسية شرقية، عيسى البابي الحلبي، القاهرة، الطبعة الأولى، 1933م، ص43-67.

([28]) أمين محمد سعيد، ملوك المسلمين المعاصرون ودولهم، ص43-67.

([29]) محمد المانع، توحيد المملكة العربية السعودية، ترجمة: د. عبدالله الصالح العثيمين، الطبعة الأولى، مطابع المطوع، الدمام، 1402هـ/1982م، ص127،126.

([30]) عبد الله بن حمد الحقيل، توحيد المملكة العربية السعودية وأثره في النهضة العلمية والاجتماعية، مكتبة العبيكان، الرياض، 1418هـ/1997م، ص35.

([31]) عبد الله بن حمد الحقيل، توحيد المملكة العربية السعودية وأثره في النهضة العلمية والاجتماعية، ص59.

([32]) عبد الله بن حمد الحقيل، توحيد المملكة العربية السعودية وأثره في النهضة العلمية والاجتماعية، ص62.

([33]) أفرد أمين الريحاني صفحات طوال في هذا الصدد. للمزيد أنظر: أمين الريحاني، ملوك العرب، الجزء الثاني، الطبعة الثامنة، دار الجيل، بيروت، بدون تاريخ.

([34]) محمد المانع، توحيد المملكة العربية السعودية، ص130 وما بعدها

([35]) محمد المانع، توحيد المملكة العربية السعودية، ص130 وما بعدها.

([36]) محمد المانع، توحيد المملكة العربية السعودية، ص213-237.

([37]) كان للملك عبدالعزيز قصرًا في جدة في منتصف الثلاثينيات من القرن العشرين، كما اتخذ الملك قصرًا في الطائف كان يُقيم فيه شريف مكة سابقًا، كما اتخذ الملك عبدالعزيز لنفسه قصورًا بمكة المكرمة شُيّدت فيما بعد، وكان مقر الديوان العالي في أجياد بمكة، وكان يقيم بقصر بالمعابدة، ينزل فيه أيام الحج، ويقيم فيه حفلة الحج السنوية لكبار الحجاج.

([38]) محمد المانع، توحيد المملكة العربية السعودية، ص213-237.

([39]) محمد المانع، توحيد المملكة العربية السعودية، ص213-237.

([40]) محمد المانع، توحيد المملكة العربية السعودية، ص213-237.

([41]) هذه العادة الملكية، الخاصة بخلع وتوزيع الملابس على رجال الدولة هي عادة حضارية إسلامية متوارثة عبر التاريخ الإسلامي بجميع أحقابه المتتالية، حيث كانت تُسمى عادة “الخُلَع السلطانية/الخُلَع الملكية”، والتي تطورت لاحقًا وعُرفت باسم هدايا الأمير/عطايا الملك”. حيث كان من عادة الملك عبدالعزيز السنوية، أن يكسو جميع رجاله وحاشيته وموظفيه، ليلة العيد، كل حسب درجته. ولما تكاثر عدد الموظفين، اقتصر الكساء على كبارهم. وكانت هذه الكسوة تعني العباءة، والثوب، والغترة (عمامة الرأس)، والعقال. ثم أدرك الملك أن تكرار هذا النوع من الكساء، يزيد عن حاجة المكسو، فأمر بإرسال قطع من الجوخ تُوزع سنويًّا على كبار الموظفين، وعدد ممن دونهم، ثم حوّل ذلك إلى نقد سنوي بما يساوي الكسوة أو يزيد عليها، واستمر هذا إلى آخر أيامه. حيث كان في الميزانية العامة للدولة السعودية، باب خاص بأُعطيات الملك ومبراته، مقسم إلى خمسة أقسام: إعانة المؤسسات الخيرية، وأعطيات ملكية مقررة، وأعطيات ملكية غير مقررة، وبدل كساء، وصدقات. أفرد المقريزي المؤرخ المشهور صفحات في بيان الخُلع السلطانية وأهميتها الحضارية في التاريخ الإسلامي. أبو العباس أحمد بن علي بن عبد القادر، تقي الدين المقريزي (المتوفى: 845هـ)، السلوك لمعرفة دول الملوك، تحقيق: محمد عبد القادر عطا دار الكتب العلمية، لبنان-بيروت، الطبعة الأولى، 1418هـ/1997م، عدد الأجزاء: 8، الجزء 2، ص124.

([42]) محمد المانع، توحيد المملكة العربية السعودية، ص213-237.

([43]) ذُكرت الآية الكريمة بالقرآن الكريم، والتي تُحدد مصارف الزكاة وفق الشريعة الإسلامية، سورة التوبة-الآية:60.

([44]) محمد المانع، توحيد المملكة العربية السعودية، ص213-237.

)[45]) H. al-Angari, The struggle for power of Arabia, Ibn Saud, Hussein, and Great Britain, 1914-1924, Reading, Ithaca Press, 1998, p.134.

)[46]) H. al-Angari, The struggle for power of Arabia, Ibn Saud, Hussein, and Great Britain, p.135.

([47]) عبدالله بن حمد الحقيل، توحيد المملكة العربية السعودية وأثره في النهضة العلمية الاجتماعية، ص66،65.

([48]) الجامع لأحكام القرآن=تفسير القرطبي، المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ)، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، دار الكتب المصرية-القاهرة، الطبعة الثانية، 1384هـ/1964م، عدد الأجزاء: 20 جزءا (في 10 مجلدات).

([49]) البداية والنهاية، المؤلف: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، دار الفكر، 1407هـ/1986م، عدد الأجزاء: 15.

([50]) الآداب الشرعية والمنح المرعية، المؤلف: محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي الرامينى ثم الصالحي الحنبلي (المتوفى: 763هـ) الناشر: عالم الكتب عدد الأجزاء: 3.

([51]) كانت هذه المجالس نواة لتطوير سياسة التعليم ومناهجه بالمملكة. عبدالله بن حمد الحقيل، توحيد المملكة العربية السعودية وأثره في النهضة العلمية الاجتماعية، ص66-69.

([52]) عبدالله سانت جون فيلبي، “الذكرى العربية الذهبية”، ترجمة: مصطفى كمال فايد، طبع على نفقة الشيخ عبدالرؤوف الصبان، القاهرة 1372هـ/1953، ص132