الأديب / عبدالرحمن كرومي

النسخة الثانية القصيدة العربية

الأديب / عبدالرحمن كرومي

المركز الأول في فرع القصيدة العربية من دولة الجزائر

العنوان:السيدة الاولى

أُسَامِرُ شَهْرًا فِي مَعَانِيهِ أَشْهُرُ

               أُفَتِّشُ عَنْ مَعْنًى بَتُولٍ فَأَعْثُرُ

وَأَنْسجُ مِنْ عُودِ الحُرُوفِ سَفِينَةً

               عَسَاهَا تَقِينِي حِمْلَهَا حِينَ أُبْحِرُ

أُرَاوِدُهَا حَتَّى يَشِفَّ مَجَازُهَا

           وَتُظْهِرَ تَأْوِيلَاتِ مَا كُنْتُ أُضْمِرُ

أُحَاوِلُ أَنْوَارًا لِبَوْحٍ يَحُوزُنِي

              وَيَصْحَبُنِي حَرْفٌ، وَشَوْقٌ مُؤَزَّرُ

وَقَفْنَا مَعًا فِي هَدْأَةِ اللَّيْلِ، عِنْدَمَا

           هَمَى أَوَّلُ النُّورِ الذِي كُنْتُ أَنْظُرُ

لَمَحْنَا سِرَاجًا قَدْ أَضَاءَ لِتَوِّهِ

           وَفِيهِ اضْطِرَابٌ ظَلَّ فِي البَالِ يَعْبُرُ

فَقَامَتْ تُرَوِّي رَوْعَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ

           هُوَ الغَيْثُ لَوْ جَفَّتْ مِنَ الحِلْمِ أَبْحُرُ

تُزَمِّلُهُ بِالرِّفْقِ، تَحْضُنُ سِرَّهُ

                  وَتُدْرِكُ مَا يُبْدِي وَمَاذَا يُدَثِّرُ

إِذَا ضَاقَتِ الدُّنْيَا تُعِيدُ اتِّسَاعَهَا

                 تُيَسِّرُ بِالتِّحْنَانِ مَا كَانَ يَعْسُرُ

فَمُذْ كَانَ لِلْغَيْمِ الشَّآمِيِّ حُظْوَةٌ

                   وَعَادَ بِأَنْبَاءِ البِشَارَةِ مَيْسَرُ

رَأَتْ فِيهِ آيَاتِ الصَّوَابِ حَصَافَةً

                وَفِي كُلِّ خَطْوٍ شَأْوُهُ كَانَ يَكْبُرُ

فِرَاسَتُهَا كَانَتْ تُوَاكِبُ هَدْيَهُ

              فَتُبْصِرُ فِي عَيْنَيْهِ مَا لَيْسَ يُبْصَرُ

إِذَا هَمَّهُ ضَيْمٌ تُضَمِّدُ حُزْنَهُ

                     تُذَكِّرُهُ سَمْتًا، وَإِنْ كَانَ يَذْكُرُ

هِيَ الْحِصنُ إِنْ نَابَتْ نَوَائِبُ دَهْرِهِ

           هِيَ الْحِضْنُ إِنْ عَمَّتْ قَوَافٍ وَأَظْهُرُ

كَمَالٌ، وَقَارُ الحُسْنِ فِيهَا مُعَتَّقٌ

                   رَزَانٌ، لَهَا فِي سُدَّةِ الرَّأْيِ مِنْبَرُ

فَمَا كَانَتِ الأُمُّ الشَّرِيفَةُ صُدْفَةً

                       وَلَكِنَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ يُقَدِّرُ

تَخَيَّرَهَا فِي الغَيْبِ شَطْرَ نَبِيِّهِ

                    لِتُدْرِكَهَا مِنْ نَفْحَةِ البِرِّ أَشْطُرُ

أَرَاهَا سَحَابًا خَفَّفَ الجُودُ ظِلَّهُ

               فَفَاضَتْ عَلَى جَدْبِ البَسِيطَةِ أَنْهُرُ

فَكَمْ دَثَّرَتْ شَجْوًا، وَكَمْ فَرَّجَتْ شَجًا

                     وَكَمْ أَحْرَزَتْ سَبْقًا، إِذَا شُدَّ مِئْزَرُ

هِيَ البِكْرُ فِي الإِسْلَامِ وَالبِكْرُ فِي الصَّلَا

                    هِيَ الشَّفْعُ إِنْ قَامَ الحَبِيبُ يُكَبِّرُ

رَوَى بَيْتُهَا الْمَيْمُونُ أَقْدَسَ قِصَّةٍ

                   وَأَعْذَبَهَا فِي الحُبِّ، وَالحُبُّ أَطْهَرُ

أَمَارَاتُ فَيْضِ الحُبِّ ذِكْرٌ يُشِيدُهُ

                       وَهَذَا نَبِيُّ اللهِ مَا عَاشَ يَذْكُرُ

فَمَا أَخَذَتْ مِنْهُ الجَلَائِلُ سلْوَةً

                    وَلَا عَوَّضَتْهَا فِي الحَلَائِلِ مَعْشَرُ

تَعَاهَدَ ذِكْرَاها بِدَمْعٍ وَغُصَّةٍ

                    وَظَلَّ بِوَصْلِ الوُدِّ يَسْعَى وَيَنْصُرُ

عَلَى قَدْرِ أُنْسِ الإِلْفِ يَقْسُو رَحِيلُهُ  

                  فَكَيْفَ إِذَا وَلَّى عَنِ الأَرْضِ مَصْدَرُ

فَلَوْ حَقَّ لِلْمُخْتَارِ أَنْ يُبْدِيَ الجَوَى

                        لَأَبْدَاهُ، لَكِنَّ الْيَقِينَ التَّصَبُّرُ

سَلَامٌ عَلَى أُمِّ البَتُولِ مِنَ السَّمَا

                     وَجَمٌّ مِنَ الرِّضْوَانِ بالخُلْدِ يَنْظُرُ