الأديب / سليمان محمد علي أبو شارب

النسخة الثالثة القصة القصيرة

الأديب / سليمان محمد علي أبو شارب

المركز الثاني في فرع قصة قصيرة من دولة الأردن

قصة الجواب

كل من رآها تمناها زوجة له، وبالطبع أنا أحدهم، لا يمكنني أن أنكر أني وقعت في غرامها منذ النظرة الأولى، لكني لم أكن أعلم أني سأقع في بئر بلا قرار، كلهم نهشوا جسدي بمخالب الحسد مجرد ما وافقت ” حسناء” أن تتزوجني، أنا عن نفسي لم أصدق ما يحصل معي.

” أترك الحظ الجيد كل أولئك الرجال ليخصني وحدي؟!”

” ما الذي رأته بي لتميزني عنهم فتختارني زوجا لها وأنا أقلهم مالا وربما وسامة؟”

” أيعقل أنها أحبتني بالفعل؟ أم ثمة سر سينكشف لاحقا؟”

… وهكذا، بت أسأل نفسي وكأني كلفت بكتابة أسئلة لاختبارات الدنيا، لكن ما يهمني في هذه اللحظة أن القدر صفق لي أخيرا وتزوجت من فتاة أحلامي.

كم هي الحياة جميلة معها، كل دقيقة بلذة، وكأن اللذات تجمهرت في منزلي منذ قدومها، وفي كل لحظة أسأل نفسي” لم اختارتني أنا دون الرجال قاطبة؟!”

كانت تطيعني في كل أمر، حتى لو لم تكن راضية عنه، وتلبي كافة رغباتي مهما كانت مستحيلة، كانت كل يوم تتزين كعروس وترتب البيت كما لو كنت بفندق خمس نجوم، كان كل نفس منها بمثابة بخور يعطر البيت، وأنا ما أزال أسأل نفسي:

” ما دامت تحظى بكل هذا الرقي وحسن التعامل، لم تزوجتني أنا بالذات”

كنت أسأل هذا السؤال وأسئلة مستنسخة منه وانا أقلل من ذاتي أمام عظمة عطائها. حتى شعرت أن الوسواس سكن رأسي، وبدأت الشكوك تأكل عقلي، وانقلبت حياتي رأسا على عقب، فبعدما كنت أعيش في رغد، بت أعيش في كدر.

وفي إحدى الليالي سمعتُ شخيرا يصدر عن جواري لم أعتد عليه منذ أن تزوجت، فتحتُ عيناي وليتني لم أفتحهما، زوجتي تحدق بي بشكل مرعب، لا ترمش أبدا، وتبتسم بشكل مريب، سألتها عن حالها لكنها لم تجب، هرعت نحو الضوء لعلي أمحو ما رأيته، وبالفعل زوجتي نائمة كالمعتاد، مثل ملاك جميل، إذن ربما أتخيل أشياءً لا تحدث؛ جرّاء قراءتي المكثفة للروايات.

يا للهول! ما الذي يجري هنا؟ مجرد ما أطفأت الضوء حتى سكن الوجه المرعب وجه زوجتي، أشعلت الضوء ثانية ليختفي الرعب مجددا، فلم أقدر على تحمل ما يجري في غرفة نومي، لذا توجهت للصالة على الفور لعلي أخضع ما رأيته هذه الليلة لعلم المنطق. لكن زوجتي أدركتني بوجهها الملائكي لتقطع حبل تفكيري وهي تهمس بعطف:

  • ما بك حبيبي؟ لم أشعلت ضوء الغرفة ثم جلست هنا؟

جفلت أمامها لتتعجب من ردة فعلي، بقيت أتأوه أمامها كطفل جائع لا يقوى على الحديث.

صرخت بها:

  • هل أنت حقيقة أم خيال؟ ما الذي يحدث هنا؟ هل وافقتِ على الزواج مني لتجعليني رجلا بلا عقل.

لكنها ما زالت تتصرف بحكمة، وكانت مثالا للزوجة الصالحة حتى في هذه المواجهة القاتلة، تظاهرت أنها تفهمت موقفي وقالت بهدوء:

  • لا عليك، سأعد لك كوب يانسون لعله يهدئ من روعك!

تركتها تتوجه نحو المطبخ، لأعود ثانية للغرفة، فأنصعق تماما مجرد ما رأيت زوجتي في الفراش في وجهها المرعب والضوء مشتعل، ألقيت سمعي على الفور ناحية المطبخ لأسمع هناك خشخشة توحي بأن أحدا يعبث بأدواته، فز قلبي من بين ضلوعي مذعورا، ولسان حاله يسأل عن هول ما يجري حولي. ضحكت ذات الوجه المرعب وهي تقول:

  • ما بك؟ هل ما زلت تظن أن تلك التي بالمطبخ هي زوجتك، صدقني أني أنا التي أستحقك أكثر منها، وربما أنا الوحيدة التي ستجعلك تكف عن طرح أسئلتك التي كنت تسألها لنفسك منذ أن تزوجت.

ثم اقتربت مني وهي تهم باحتضاني، وتقول بصوت مرعب

  • هلم إلي، فأنا الجواب الذي تريده عن كل أسئلتك.

ثم حاولت أن تعانقني وسط صراخي غير المسموع.

 

النهاية

كتابة: سليمان محمد أبو شارب