واضع رأسي بين يدي، تسربت دمعة من عيني، تركت أثر على الأرض التي سقطت عليها، تشوهت الصورة أمامي ناظري، ساعتما استرجعت الحوار الذي دار بيننا في غابة الجامعة الوطنية..
قعدنا تحت ظل شجرة من الأشجار العتيقة، بحوزتنا بعض الأوراق التي بها ملخص المحاضرة، وبينما نحن نشرّح في المصطلحات الطبية، ونحل في عقد مسببات الأمراض، قالت (نهلة):
بأسى قالتها، وحسرة تملأ جوفها، عقبت -أنا- على كلماتها، معضدا بها قولها بقولي:
الاستفهام يحلق حولنا، لا إجابة لنا غير العجز والتمني، وأطبقت علينا حالة من عدم الرضا، في جو التأمل المنكسر..
كسر الصمت (خليل) الصامت طيلة الوقت، المتابع دون البت بكلمات، بتهكم قال:
وقع العبارة صادم على قلبينا، فتحت فمي للكلام، لكنه أكمل موضحا:
– نحن نعيش في عصر التقنية وليس العصر الجاهلي، و ياليتها حذفت أصلا من المنهج؛ لتدرس اللغة الإنجليزية -مكانها- منذ نعومة الأظفار!
نظرنا باستغراب إليه، بين قاطب حاجبيه، ومن سال لعابه من فيه فاغره، لأقول له:
أجاب:
ضربت صواعق الغضب نفسي، برزت عروق يدي، كدت أن ألكمه، لكن نهلة قبضت معصمي، ونظرت إليه بنظرة؛ أن قم من هنا!..
فأنا أعتبر اللغة العربية شرفي، عرض لكل ناطق بها، لا يرضى بمسه إلا ديوث، لم أبارح مكاني، ذهبت هي أيضا إلى بيتها، ثم أخذت أتساءل ” من غسل لهذا دماغه؟ ” وصرت أبكي حال أمتي..
حملت دفاتري، بين خطواتي أردد ” كم خليل في وطني؟ ”
” من المتهم عن موت الهوية فينا “..
بدأت أقرأ عن الثبات الانفعالي، لكن عندما يتعلق الأمر بلغتي؛ انسى كل شيء!
عبدالله جابر الحرداني