لَيْتَ الفَتَى وَرَقُ
تَكَلَّمُوا، وَرَوَى أَسْرَارَكِ الوَرَقُ
لَا تَحْزَنِي فَكَلَامُ الوَرْدَةِ العَبَقُ
وَلَا تُضِيفِي وَلَوْ حَرْفًا لِمَا كَتَبَتْ
عَيْنَاكِ..أَجْمَلُ مَعْنًى قَالَهُ الحَدَقُ
أَنْتِ الـمَحَارَةُ تُغْرِي وَهيَ صَامِتَةٌ
فِي جَيْبِهَا اللُّؤْلُؤُ الـمَخْبُوءُ يَأْتَلِقُ
إِنِّي أُعِيذُكِ مِنْ بَرْدِ الـمَدِيحِ فَأَحْــــ
رُفِي الفَرَاشَاتُ فِي مَعْنَاكِ تَحْتَرِقُ
وَدَهْشَتِي فِي مُتُونِ الجَمْرِ أَسْكُبُهَا
وَمِنْ رَمَادٍ ذَرَاهُ الشَّوْقُ أَنْبَثِقُ
لِي فِي إِشَارَتِكِ الخَضَرَاء سَاقِيَةٌ
أُفْضِي إِلَيْهَا، وَمِنْهَا الشِّعْرُ يَنْطَلِقُ
**********
يَدٌ مِنَ الضَّوْءِ.. فَانُوسٌ تَنَاقَلَهُ الــ
سُّرَاةُ، حِينَ بِقَلْبِي عَرَّشَ الغَسَقُ
يَدٌ تُمَدُّ إِلَى نَاءٍ مِنَ الـمُدُنِ الــ
رُّمُوزِ.. بَابٌ عَلَى التَّأْوِيلِ مُنْغَلِقُ
يَدٌ وَفِيهَا حَيَاءُ الطَّلِّ.. أَسْمَعُهَا
مَا صَافَحَتْنِيَ إِلَّا وَشْوَشَ العَرَقُ !
فِي البَدْءِ هَمْسٌ لَطِيفٌ شَفَّ مُعْجَمُهُ
وَفِي الخِتَامِ.. إِلَى أَنْ قَالَتِ الحُرَقُ
وَدَدْتُ لَوْ أَنَّ كُلَّ الوَقْتِ فَضْفَضَةٌ
حَرَّى وَسَرْدٌ مِنَ الكَفَّيْنِ يَنْدَفِقُ
وَأَسْلَمَتْنِي إِلَى الأَحْلَامِ هَدْهَدَةٌ
رَأَيْتُ فِي مَا يَرَى كَفًّا بِهَا أَثِقُ
تُشِيرُ آخِرَ هَذَا اللَّيْلِ بَاسِمَةً
لِشَارِعٍ تُونِسِيٍّ ضَاءَهُ الحَنَقُ
يَهْوِي إِلَيْهِ حَجِيجٌ فَرْطَ لَهْفَتِهِمْ
كَأَنَّهُمْ مِنْ ذُرَى أَشْوَاقِهِمْ خُلِقُوا
وَفَجْأَةً يَبِسَتْ مِلْيُونُ سُنْبُلَةٍ
عَلَى رَصِيفِ الأَغَانِي.. فَجْأَةً سُرِقُوا !
لَوْلَا يَدٌ فَتَحَتْ فِي التِّيهِ نَافِذَةً
عُلْيَا، وَحَيْثُ أَشَارَتْ يَبْسِمُ الفَلَقُ
كَانَتْ تُحَدِّثُنِي هَمْسًا أَصَابِعُهَا
وَكُنْتُ أُصْغِي لَهَا خَطْفًا وَأَسْتَرِقُ
وَكُنْتُ أَقْرَأُ فِي شَلَّالِ رِعْشَتِهَا
حُرِّيَّةَ الـمَاءِ إِذْ يَجْرِي فَيَنْعَتِقُ
يَدٌ لِأَنَّ نَبِيذًا فِي أَنَامِلِهَا
تَكْفِي أَنَامِلُهَا كَيْ يَثْمَلَ الحَدَقُ
إِنَ لَوَّحَتْ كَتَبَتْ.. إِنْ رَبَّتَتْ كَتَبَتْ
يَا كَفَّهَا الـــ كَتَبَتْ.. لَيْتَ الفَتَى وَرَقُ !
**********
مِنْ أَلْفِ حُزْنٍ وَلَا أَمْوَاهَ فِي قِرَبِي
نَزْفًا أُشِيرُ إِلَى لَيْلَى وَأَنْدَلِقُ
صَحْرَائِيَ الانْتِظَارَاتُ الّتِي يَبِسَتْ
وَرَاحَ يَحْطِبُ مِنْ أَعْنَاقِهَا القَلَقُ !
**********
جَاءُوكِ مُذْ لَوَّحَتْ يُمْنَاكِ هَرْوَلَةً
وَكُنْتُ وَحْدِي مَعَ الأَشْوَاقِ أَسْتَبِقُ
أَجُرُّ دِهْلِيزَ أَيَّامِي إِلَى قَبَسٍ
كَأَنَّنِي عَتْمَةٌ فِي الضَّوْءِ تَنْزَلِقُ !
أَتَيْتُ فِي كُلِّ سِرْبٍ مِثْلَ زَقْزَقَةٍ
وَحْدِي أَتَيْتُ وَلَكِنْ وُزِّعَ العَلَقُ !
وَجْهِي مَرَايَا النُّبُوءَاتِ الّتِي وُئِدَتْ
وَلَهْفَتِي أَكَلَتْ مِنْ خُبْزِهَا الطُّرُقُ
وَنَازَعَتْنِي رِيَاحُ الشَّكِ عَنْ هَدَفِي
وَحَرَّقَتْنِي عَلَى أَعْتَابِكِ الحُرَقُ
مُمَزَّقٌ.. نِصْفِيَ (الآمَالُ أَرْقُبُهَا)
نِصْفِي ضَحَايَا بِحَبْلِ الشَّوْقِ قَدْ شُنِقُوا
وَصَلْتُ دُونَ حَوَارِيِّينَ.. مُعْجِزَتِي
كَيْفَ اسْتَطَاعَتْ وُصُولًا هَذِهِ الـمِزَقُ !