الأديب /سيكو تراوري

النسخة الخامسة القصيدة العربية

الأديب /سيكو تراوري

المركز الثاني في فرع القصيدة العربية من دولة غينيا

عَرَبِيٌّ دون شَهادةِ الميلادِ

مَن أنتَ؟ لا أدْري، أضعْتُ مُرادي  

في مُعجَمِ الأشباهِ والأضْدادِ

مِنْ أَيِّ مِنطَقَةٍ أَتَيتَ مُجَنَّسا  

بِعُروبَةٍ عَجَمِيَّةِ الْأبعادِ؟

تَاريخُكَ الزِّنجِيُّ غَيرُ مُسجَّلٍ  

مِن تُهْمةِ التَّعرِيبِ في الأجْدادِ

هَل أنتَ مِن أَفْريقِيا؟ مِن بَرِّها؟  

مِن بَحْرها؟ مِن جَوِّها المُتمَادي؟

مَهْلا أَنَا لا عِلمَ لي بِمَسائلِ الْـ  

جُغَرافِيَا مِنْ حاضرٍ أوْ بادِي

في الْأصْل زِنْجِيٌّ أنا، مِن أَخْمَصِ الْـ  

قَدَمَيْنِ حَتَّى ما وراءَ سَوادِي

زِنْجِيَّتِي مَغْروسةٌ أَعْرَاقُها  

في القَلبِ وَالأضْلاعِ وَالْأكْبادِ

لكِنَّني بِالضَّادِ نِصْفُ مُعَرَّبٍ  

نَسَبٌ خِلافُ الْواقِعِ المُعتادِ

لُغَةٌ عَشِقتُ تَلِيدَها وطَرِيفَها  

عِشْقا تَغَلْغلَ في دمِي وفُؤادي

نَغَمَاتُها الفْصحى تُثيرُ صَبابَتي  

مِنْ رَوْعةِ الإيقاعِ وَالإنْشادِ

مِن فَرْطِ ما افْتَتَنَ الخَيَالُ بِحُسنِها  

أُنْسِيتُ بَعدَ الجَهدِ طِيبَ رُقادي

 

وَاهًا لها لغةً تَواتَر ذِكْرُها  

في كلِّ مَتْنٍ ثَابِتِ الإسْنادِ

هيَ وَحدَها لُغةُ السّماءِ، سَلُوا الضُّحى  

وَالنَّجْمَ وَالشُّعراءَ عنْ أشْهادي!

منْ مُحكَمِ التّنزيلِ يَنبَعُ فَيضُها  

بِالْكوْثَر الْمَوفُورِ لِلْوُرّادِ

وَتَمُدُّها بِالمُعْجِزاتِ بَلَاغَةٌ  

نَبَويّةٌ تُعطِي بِغَيرِ نَفادِ

أبْحِرْ بِعُمقِ مَجازِها وخَيالِها  

لِيَسيلَ بِالإبداعِ كُلُّ مِدَادِ

بِبَيَانِها تَتزيَّنُ الْكَلِماتُ مِـثْـلَ  

تَزَيُّنِ الْأيّامِ بِالأعْيادِ

وَمتَى تَرَنَّمَ بُلبُلٌ بِحُرُوفِها  

تَتَراقَصُ الأَسماعُ مِنْ إِسْعَادِ

تَاريخُها عَزْمٌ، طُمُوحٌ، نَهْضَةٌ  

ومآثِرٌ عَزَّتْ على التَّعدَادِ

لُغَةٌ عَلَى يَدِها تَرَبَّتْ أُمّةٌ  

حَلَّتْ مَحَلَّ الشّمسِ في الْأمجَادِ

هي وحْدَها أمُّ اللُّغاتِ، بِدَرِّها يَنمُو الكلامُ بِطِيبَةٍ وسَدادِ
مهمَا جَرى الإفلاسُ في لُغَةٍ أتَى  

قَامُوسُها بِخَزائِنِ الإمْدادِ

بِالنَّحْوِ والتَّصريفِ والإمْلاءِ لا  

تَخشَى على الإنتاجِ لَحْنَ جَرادِ

يَا ضَادُ إِنّي فارِسٌ لكِ كُلّما  

نادى إلى خَطِّ الدِّفاعِ مُنَادِ

دَرَّبتُ حَرفي جَيشَ نثْرٍ شَاعِر  

مِن خِيرَةِ الأبطَالِ وَالقُوّادِ

إِن كُنتُ مِن عَجَمٍ، فَلي نَسَبٌ إِلى  

نَبْعِ الْعُروبَةِ من خِلَالِ الضَّادِ

قُلْ: أَعْجَمِيٌّ نِسْبَتي، لَكِنَّنِي  

الْعَرَبِيُّ دُونَ شَهَادَةِ الْميلادِ.