“شرودٌ مقفّى”
غريبٌ لم تجدْ في الحيِّ إلفا
وحيدٌ أنتَ لو عمّرتَ ألفا
مددتَ اللّيلَ من ذِكراكَ كفّاً
فمدّتْ قبضةُ النّسيانِ سيفا
أقيمَ عليكَ حدُّ الحبِّ بتراً
فكيفَ عناقُ من فقدَ الأكفّا؟
تقودُكَ للهوى ريحٌ حَرونٌ
هباءً لم تقلْ للرّيحِ حرفا
وأصلُ الحبِّ في الإنسان وهمٌ
تقمّصَهُ إلى أن صار طيفا
تصدّقُهُ فينزفُ فيكَ كِذْباً
تكذّبُهُ فيصدقُ منكَ نزفا
رأيتَ الحُلْمَ أرباعاً بدهرٍ
يكادُ يقسّمُ الأرباعَ نصفا
هيَ الأقدارُ تفعلُ كلَّ شيءٍ
تريدُكَ حالَ فعلتِها وظرفا
عجيبٌ ترتجي فيها بقاءً
وتعلمُ آخرَ المشوارِ حتفا
ستُنسى بعدَ أيامٍ ثلاثٍ
وتصبحُ بينَ تشرينينِ صيفا
ببيتٍ قصيدةٍ ما كنتَ شخصاً
كأهلِ البيتِ لا بل كنتَ ضيفا
كُتِبتَ على ترابٍ يا تراباً
وعمرُكَ موجةٌ تختالُ حذفا
كأنَّك غيمةٌ حبلى بدمعٍ
وشمسُ الكبرياءِ تقولُ أُفّا
حقيقةُ واقعٍ تبدو خيالاً
وتعجَزُ فيهِ تشخيصاً ووصفا
دعِ الدّنيا فراحتُها دخانٌ
ستبصرُهُ للحْظاتٍ ويخفى
فغُضَّ الطّرفَ عمّا عنكَ قالوا
وعن عِلمٍ يغضُّ المرءُ طرفا
فلا تنصبْ بقلبِكَ سوءَ ظنٍّ
ولا ترفعْ لحسنِ الظنِّ سقفا
وما ضرّ السّماءَ كسوفُ شمسٍ
ولا إنْ شاهدتْ في البدرِ خسفا
ولا إنْ ثارَ بركانٌ بأرضٍ
ولا رجفتْ منَ الزلزالِ رجفا
حياتُكَ يا ابنَ آدمَ رَمشُ عينٍ
يقرّبُكَ الفناءُ إليهِ زُلفى
سلامٌ للّذي يكسوهُ صبرٌ
ويسألُ في قضاءِ اللهِ لطفا
سلامٌ للّذي جرحوهُ ظُلماً
ويزفِرُ من شهيقِ الجرحِ عزفا
سلامٌ للمسامحِ باقتدارٍ
ومن صلّى لشكرٍ ليسَ خوفا
ومن صبّتْ لهُ الأيّامُ ذُلّاً
ولم يأملْ برغمِ الجوعِ رشفا
ومن في نفسِهِ كرَمٌ وعِزُّ
شريفٌ بيتُهُ لو كان كهفا
تبسّمْ في مرايا الرّوحِ وحياً
وكنْ كالشِّعرِ موزوناً مقفّى